إني بنيتُ على علمي بأسلافي – محيي الدين بن عربي

إني بنيتُ على علمي بأسلافي … ومنْ صحبتُ من أشياخي وآلافي

فما أصلّي بهم إلا قرأتُ لهم … منَ القرآنِ لما فيهِ لإيلافِ

فالاً فإنَّ الذي في العبدِ منْ صفة ٍ … عين الحبيبِ فهذا عين إنصافِ

نفسي تنازعني إذا أطهرها … والخف في قدمي من نزع أخفافي

وكيفَ أنزعها وقدْ لبستهما … على طهارة ِ أقدامي بأوصافي

إن اتصافي بنعتِ الحقَّ بعدني … منه وقربني بنعتِ أسلافي

عجز وفقر إلى ربي ومسكنة … إلى سؤالٍ بإلحاحٍ وإلحافِ

إلى رفيقٍ لطيفٍ مشفقٍ حذرٍ … وما أنا بالعتلِّ الجعمصِ الجافي

إذا ذكرت الذي عليه معتمدي … سبحانه كنت فيه المثبت النافي

فالنفيُ تنزيههُ عنْ كلِّ حادثة ٍ … منَ الصفاتِ التي فيهنَّ إتلافي

ولستُ أثبتُ للرحمنِ منْ صفة ٍ … إلا التي قالها في قوله الكافي

لله ميزانُ عدل في خليقته … فإنْ وزنتْ فإني الراجحُ الوافي

أنا مريضٌ ودائي ليس يعرفه … إلا العليمُ بحالي الراحمُ الشافي

إن التستر بالعاداتِ من خلقي … فما أنا علمٌ كبشرِ الحافي

إنَّ التخلقَ بالأسماء يظهر ما … يكونُ حليتهُ بالمشهدِ الخافي

العبد يرسب يبغي أصلَ نشأته … والغيرُ متصفٌ بالمدعي الطافي

ثوبي قصيرٌ كما جاءَ الخطابُ بهِ … وثوبُ ديني ثوبٌ ذيلهُ ضافي

مياه أهل الدعاوى غير رائقة … وماءُ مثلي ذاكَ الرائقُ الصافي

ديار أهل القوى في الخلق عامرة … ودار أهل المعالي رسمها عافي

يجودُ عندَ سؤالي كلَّ مكرمة ٍ … ربي عليَّ بإنعام وإسعافِ

لقد علمتُ بأنَّ الله ذو كرم … وأن فينا له خفيَّ ألطافِ

أثنيتُ بالجودِ عن فقر وعن ضرر … على الإلهِ فجازاتي بإسعافي

كماء وردٍ إذا الداريّ يمرجه … بما يطيبهُ منْ ماءِ خلافِ

فبالأكفِّ جيادُ الخيل إنْ سبقتْ … نمسِ منها بأجيادٍ وأعرافِ

لا تفرحن باستواءِ الكَفتين إذا … أعمالكمْ وزنتْ من أجلِ أعرافِ

وأكثر الذكر للرحمن في ملأ … من الملائك سادات وأشراف

واحذر قبولك رفداً قد أتيت به … عن التشوُّق منكم أو عن إسرافِ

إنَّ الغريبَ مصونٌ في تقلبهِ … كلؤلؤٍ صينَ في أجوافِ أصداف

إنَّ الكريمَ تولاهُ بجائزة ٍ … تترى عليهِ وإنعامٌ وإردافِ

لو جاءَ منْ أسهمَ البلوى على حذرٍ … منَ المصابِ لجاءَتهُ بآلافِ

إنَّ العبيدَ أولي الألبابِ قدْ نصبوا … لرمي أسهمٍ بلواهُ كأهدافِ

الله عاصمهم من كلِّ نازلة ٍ … بما يجنُّ منْ ألطافٍ وأعطافِ

من عند ربٍّ حفيّ بي ومكتنفٍ … وعاصمٍ بالذي يسدي وعطاف

من الجميلِ الذي ما زال يرفده … بمثله ليعمّ الخير أكنافي