إلى قِدّيسَة – نزار قباني

ماذا إذَنْ تَتَوقَّعينْ؟

يا بِضْعَةَ امْرأةٍ.. أجيبي.. ما الذي تَتَوقَّعينْ؟

أَأَظلُّ أَصطَادُ الذُبابَ هُنا؟ وأنتِ تُدَخِّنين

أَجتْرُّ كالحشَّاش أحلامي..

وأنتِ تدَخِّنينْ..

وأنا أمامَ سريرك الزَاهي كقِطّ مُسْتَكين..

ماتتْ مخالبُهُ، وعزَّتُهُ، وهَدَّتْهُ السِنينْ

أنا لَنْ أكونَ – تأكَّدي- القطَّ الذي تتصورينْ..

قِطَّاً من الخَشَب المُجوَّفِ.. لا يُحرِّكُهُ الحنينْ

يغفو على الكُرسيِّ إذ تَتَجردينْ

ويَرُدُّ عَيْنَيْهِ.. إذا انْحَسَرَتْ قِبَابُ الياسَمينْ..

تلكَ النهايةُ ليس تدهِشُني..

فمالكِ تدهشينْ؟

هذا أنا.. هذا الذي عندي..

فماذا تأمُرينْ؟

أعصابيَ احْتَرَقَتْ.. وأنتِ على سريركِ تقرأين..

أَأَصُومُ عن شَفَتَيْكِ؟

فوقَ رُجُولتي ما تطلبينْ..

ما حِكْمَتي؟

ما طيبتي؟

هذا طعامُ الميِّتينْ..

مُتَصوِّفٌ! من قالَ؟ إنِّي آخرُ المتصوِّفينْ

أنا لستُ يا قدِّيستي الرَبَّ الذي تَتَصورينْ

رَجُلٌ أنا كالآخرينْ

بطَهَارتي..

بِنَذَالتي..

رَجُلٌ أنا كالآخرينْ

فيهِ مزايا الأنبياء، وفيهِ كُفْرُ الكافرينْ

وَوَداعةُ الأطفالِ فيهِ..

وقَسْوَةُ المُتَوحِّشينْ..

رَجُلٌ أنا كالآخرينْ..

رَجُلٌ يُحِبُّ –إذا أحَبَّ- بكُلِّ عُنْفِ الأربعينْ

لو كنتِ يوماً تَفْهَمينْ

ما الأربَعُونَ.. وما الذي يَعْنيهِ حُبُّ الأربعينْ

يا بضْعَةَ امْرأةٍ.. لو أنَّكِ تفهمينْ..