إذا يضيق بنا أمر ليزعجنا – محيي الدين بن عربي
إذا يضيق بنا أمر ليزعجنا … نصبرُ فإنَّ انتهاءَ الضيقِ ينفرجُ
بذاك خالقنا الرحمنُ عودنا … في كلِّ ضيقٍ له قد شاءه فرج
ألا ترى الأرض عن أزهارها انفرجت … كما السماءُ لها في ذاتِها فرجُ
والكونُ علوٌ وسفلُ ليسَ غيرهُما … والأمر بينهما بالنص مندرج
وكلُّ شيءٍ منَ الأكوانِ نعلمُهُ … موحدا هو في القرآن مزدوجُ
حتى الوجودُ الذي إليهِ مرجعنا … بما له من صفاتِ الكون يزدوج
فليس يوجد فرد ليس يشفعه … شيءٌ سوى منْ لهُ التقسيمُ والدرجُ
ذاك الإله الذي لا شيء يشبهه … من خلقه فبه الإصباح تتبلج
وهوَ العزيزُ فلا مثلٌ يعادلُهُ … وإنما بمتابِ العبدِ يبتهج
فكيفَ منْ هوَ محتاجٌ ومفتقرٌ … إلى أمورٍ بنا إنْ لمْ يكنْ حرجُ
فلا يصحُّ على الإطلاقِ أنَّ لنا … حكمَ الغنى ولهذا فيهِ يندرجُ
الحبُّ شاهد عدلٍ في قضيتنا … إذا الخلائق فيما قلته مرجوا
همُ المصابيحُ في الظلماءِ إنْ ولجوا … كما هم العمى إنْ زالوا وإنْ خرجوا
سبحانه وتعالى أنْ يحيطَ به … علماً عقولٌ لمَّا في ذاتهِ دلجُوا
أما تراها على الأعقابِ ناكصة … لما رأت فنيتْ في ذلك المهج
فليسَ يدركُ مجهولٌ حقيقتهُ … وفيه خلفٌ لأقوام لهم حجج
لو أنهم نظروا في حسنِ صورته … قالوا بهِ قرنٌ قالوا بهِ فلجُ
قالوا بعينيهِ في إبصارِهِ وطفٌ … قالوا بهِ كحلٌ قالوا بهِ دعجُ
فما أقاموا على حالٍ وما جمعوا … عليه في علمهم فيه وما درجوا
هذا معَ الخلقِ كيفَ الحق فاعتبروا … ما في بيوتِهمُ منْ نورِهِ سرجُ