إذا نظرت عيني فأنت الذي ترى – محيي الدين بن عربي
إذا نظرت عيني فأنت الذي ترى … وإنْ سمعتْ أذني فلستَ سوى سمعي
وإنَّ قوايا كلها ومحلها … وجودُكَ يا سري كما جاءَ في الشرعِ
ولا حكمَ منْ طبعٍ إذا ما تكونُهُ … فإنْ كنته كان التحكم للطبع
إذا كنتَ عيني حينَ أبصركمْ بكمْ … فقدْ أمنتْ عينايَ منْ علة ِ الصدعِ
إذا فرقتْ أسماؤهْ عينَ صورتي … على صورتي فيهِ أحنُّ إلى الجمعِ
فاحمده حمدَ المحامد كلها … وأشكرُه في حالة ِ الضرِّ والنفعِ
وارقب أحوالي إذا كان عينها … واشهده في صورة الوهب والمنع
لقد أثرت لما أغارت جيادُه … بميدانِهِ شحباً كثيراً منَ النفعِ
فما قرعُ بابِ اللهِ والبابُ أنتمُ … كما أنتَ ذاتي حينَ أشرعُ في القرعِ
واشهده عند اللوى وانعطافه … وإن كمال الحق في مشهد الجزْعِ
وصورتُهُ في الدرِّ أكملُ صورة ٍ … وصورة ُ عينِ الكونِ أكملُ في الجزعِ
أما وجلالُ النازعاتِ وغرقها … لقدْ شهدتْ عيني الطوالعَ في النزعِ
إذا لمْ يكنْ فرعٌ لأصلِ وجودنا … وهل ثمر تجنيه إلا من الفرعِ
وصقعٌ وجودُ الحقِّ في دارِ غربتي … فلا صقعٌ أعلى في المنازلِ من صقعي
ألا إنهُ يخفي معَ الوترِ عينهِ … ويظهرها للعين في حضرة ِ الشفعِ
ألا كلُّ ما قد خامر العقلَ خمرة ٌ … وإنْ كانَ في مزرٍ وإنْ كانَ في تبعِ
لقدْ رفعتْ للعينِ أعلامُ هديهِ … وضمن كيد الحقِّ في ذلك الرفع
ولولا دفاعُ اللهِ هدتْ صوامعٌ … لرهبانِ ديرٍ فالسلامة ُ في الدفعِ
لقد سحت في شرقِ البلاد وغربها … وما خفيتْ نعلي ولا انقطعتْ شسعي
وفي عرفاتٍ ما عرفتُ حقيقتي … ولا عرفتُ حتى أتيتُ إلى جمعِ
ولمَّا شهدناها وجئتُ إلى منى ً … بذلتُ لهُ بالنحرِ ما كانَ في وسعي
حصبتُ عدوي جمرة ً بعدَ جمرة ٍ … ببضعٍ منْ الأحجارِ بوركَ منْ بضعِ
ولما أتيتُ البيت طفتُ زيارة … حنينا بها من فوق أرقعة سبع
عناية ُ ربي أدركتْ كلِّ كائنٍ … منَ الناسِ في ختمِ القلوبِ وفي الطبعِ
ومن أجل ذا لم يدخل الكبر قلبهم … على موجد الصنع الذي جل من صنع
ولولا وجودُ السمعِ في الناسِ ما اهتدوا … وليس سوى علمِ الشريعة ِ والوضع
فكمْ بينَ أهلِ النقلِ والعقلِ يا فتى ً … وهلْ تبلغُ الألبابَ منزلهُ السمعِ