إذا لمْ أحظَ منكَ على التلاقي – مهيار الديلمي
إذا لمْ أحظَ منكَ على التلاقي … فما بالي أروّعُ بالفراقِ
بعادكِ حيثُ لا يرجوكِ راجٍ … كقربكِ حيثُ لا يلقاكَ لاقي
فمنْ يشكُ النّوى أو يبكِ منها … فلا دمعي هناكَ ولا احتراقي
نوكِ منَ الملالِ أخفُّ مسَّاً … على كبدي وأبردُ لاشتياقي
ولولا البينُ لمْ أملكْ وصولاً … إلى قبلِ الوداعِ ولا العناقِ
على أنّي وأنتَ النجمُ بعدا … حديثكَ بينَ صدري والتراقي
أقولُ لصاحبيَّ غداة َ جمعْ … وأيدي النفرُ تلعبْ بالرفاقِ
قياني منْ سهامِ بناتِ سعدٍ … وهلْ ممّا قضاهُ اللهُ واقي
ومنْ ظبيٍ مددتُ لهُ حبالي … لأقنصهُ فعدنَ على خناقي
خذا طرفي بما أبقيَ وطرفي … بعمدٍ جرَّ قتلي لا اتفاقِ
أراقَ دمي الحرامَ فضولُ عيني … فثأرى بينَ أجفاني وماقي
أيا ربعَ الهّوى دعْ ليْ طريقي … فلا حبسي إليكَ ولا اعتياقي
لكَ الخلقُ الحسانُ إذا تصدّتْ … ولكنْ ما لأهلكَ منْ خلاقِ
وقلْ لشقيقة ِ القمرينِ بيني … فهذا عنكِ بيني وانطلاقي
وإلاَّ تفعلي أنطقْ بهجرٍ … يسوءُ الودَّ يا ذاتَ النطاقِ
علقتكِ صائعاً في الحبِّ عزمي … فكانَ المجدُ أولى باعتلاقي
أنا الجاري إذا الحلباتُ طالتْ … مراكضها على الخيلِ العتاقِ
نفضتُ طريقها شوطاً فشوطاً … وسلّمْ بها قضبُ السباقِ
فمنْ ذا يبتغي في الفضلِ سبقي … وقدْ يئسَ السوابقً منْ لحاقي
بقيتُ لحرِّ هذا القولِ وحدي … فعبدي منهُ مأمونُ الإباقِ
وحسبكِ ما بدا لكِ منْ نفاذي … على ملكِ الملوكِ ومنْ نفاقي
بركنِ الدّينِ سالمني زماني … وأطلقتِ الحوادثُ منْ وثاقي
فمهما أبقَ يسمعْ سائراتٍ … مطبِّقة ً منْ الكلمِ البواقي
تكونُ لهُ مطاربَ في غدايا ال … صّبوحِ وفي عشايا الإغتباقِ
وفي الأعداءِ تقطعُ ماضياتٍ … مصممّة ً معْ البيضِ الرقاقِ
حمى الدنيا فثبَّتَ جانبيها … صليبٌ لا يروِّعُ بالصِّفاقِ
أبو شبلينِ منْ تعلقْ يداهُ … فليسَ لهُ منَ الحدثانِ واقي
وساقَ النّاسَ خفضاً وارتفاعاً … بصيرٌ بالإناخة ِ والمساقِ
وقاومَ بالسيّاسة ِ كلَّ داءٍ … طبيبٌ منْ لداغِ الدّهر راقي
إذا غمضَ السّقامُ على المداوي … تطلّعَ منْ غوامضهِ العماقِ
ألا أبلغْ ملوكَ الأرضَ أنَّا … على الزوراءَ في العيشِ الوفاقِ
لنا ملكٌ يربُّ على نظامٍ … شتائتَ أمرنا وعلى اتساقِ
إذا جمدَ الغمامُ جرتْ يداهُ … فعمّتنا بمنهمرٍ دفاقِ
أطاعتهُ المقادرُ واستجابتْ … لهُ في كلِّ رقعٍ وانفتاقِ
تناهوا عنْ عداوتنا تناهوا … وفي الأرواحِ باقية َ الرَماقِ
فقدْ جرَّبتمُ بالأمسِ منّا … عرائكَ لا تلينُ على اعتياقِ
وكمْ مللٍ جليلٍ ندَّ عنّا … فطاحَ على ذوابلنا الدقَّاقِ
عسفناهُ وآخر قدْ ملكنا … مقادتهُ بلطفٍ وارتفاقِ
وجاءتنا السعودُ بكلِّ عاصٍ … على عجلٍ تعارضُ واستباقِ
وأبصرَ رشدهُ ابنَ أخٍ شقيقٍ … فطاوعَ أمرنا بعدَ الشَّقاقِ
رأى طعمَ العقوقَ لنا مريراً … فبرَّ ودلّهُ صدقُ المذاقِ
أراهُ الحقَّ أمرُ اللهِ فينا … فنبَّهَ جفنهُ بعدَ انطباقِ
تذكَّرها على الأهوازِ شعثاً … نزائعَ بينَ خرقٍ أو مراقي
وأنذرهُ بدلاّنٍ وسومٌ … على الأعناقِ ثابتة ٌ بواقي
وناشدَ بالقرابة ِ فانعطفنا … لهُ عطفَ الغصونِ على الوراقِ
فها هو لو دعوناهُ لخطبٍ … أطاقَ لأمرنا غير المطاقِ
فنصراً يا مليكَ الأرضِ نصراً … على رغمِ المحايدِ والملاقي
تهنَّ بدولة ٍ أنكحتَ منها … فتاة ً لا تروِّعُ بالطلاقِ
وما اقترحتْ سوى أنْ ترضيها … وأنْ تحنو عليها منْ صداقِ
وعادَ المهرجانُ بخفضِ عيشٍ … يرفُّ على ظلائلهِ الصّفاقِ
هو اليومُ ابتناهُ أبوكَ كسرى … وشيَّدَ منْ قواعدهِ الوثاقِ
وشقَّ لهُ منْ اسمِ الشّمسِ وصفاً … يصولُ بهِ صحيحُ الإشتقاقِ
ويقسمُ لو رأكَ جلستَ فيهِ … لجاءكَ قائماً لكَ فوقَ ساقِ
واعجبهُ تنزلّهُ بعيداً … وأنتَ على سريرِ الملكِ راقي
وأسلاهُ عنْ الإيوانِ بقياً … مقامُ العزِّ في هذا الرواقِ
فبادرْ حظَّ يومكَ واقتبلهُ … على النشواتِ بالكأسِ الدَّهاقِ
منَ السوداءِ لمْ تكُ بنتَ كرمٍ … دفينٍ بلْ من الهيفِ البساقِ
مولِّدة َ الخوابي لمْ تلدها ال … دِّنانُ ولمْ تمخِّضْ في الزِّقاقِ
وإنْ هي لمْ تكنْ حمراءَ صرفاً … ولا صفراءَ بالماءِ المراقِ
ولا لونُ الخدودِ لها إذا ما … أفيضتْ في أوانيها الرِّقاقِ
فألوانُ القلوبِ إذا أديرتْ … تناسبها وألوانُ الحداقِ
وأحسنُ صبغتينِ سوادَ كأسٍ … تعلَّقَ في بياضِ يمينِ ساقي
وحرّمها الحجازيّونَ ظلماً … لها فأحلّها أهلُ العراقِ
وما متجبِبُ فيهِ اختلافُ … كمحظورٍ يحرَّمَ بالوفاقِ
عففتُ فعفتَ عينَ الخمرِ دينا … إذا ما عفَّ قومٌ للنِّفاقِ
فباكرها على أقمارِ تمٍّ … تقابلُ فوقَ أغصانٍ رشاقِ
ونلْ بيمينكَ الدُّنيا جميعاً … وأطبقها على السبعِ الطباقِ
تدرَّج في السنين تعدّ ألفاً … وترجعْ بعدُ في أولى المراقي
إلى أنْ تصبحْ الخضراءُ ماءً … ويفنى النيّرانُ وأنتَ باقي