إذا صاحَ وفدُ السحبِ بالريح أو حدا – مهيار الديلمي

إذا صاحَ وفدُ السحبِ بالريح أو حدا … و راح بها ملأى ثقالا أو اغتدى

فكان وما باراه من عبراتنا … نصيبَ محلًّ بالجنابِ تأبدا

و ما كنتُ لولاه ولو تربت يدي … لأحملَ في تربٍ لماطرهِ يدا

خليليَّ هذي دارُ لمياء فاحبسا … معي واعجبا إن لم تميلا فتسعدا

نعاتب فيها الدهرَ لا كيف عتبهُ … و أخلاقهُ إخلاقُ ما كان جددا

سلاها سقاها ما يعيد زمانها … و عيشا بها ما كان أحلى وأرغدا

عهدنا لديك الليلَ يقطعُ أبيضا … فلمْ صار فيك الفجرُ يطلعُ أسودا

فأين الظباء العامراتك بالظبي … ثنى ً وفرادي غافلاتٍ وشردا

و ليلُ اختلاط لو تغاضى صباحهُ … لما مازت الأيدي القناعَ من الردا

أبعدَ جلاءِ العينِ فيك من القذى … أرى أثرا أني تلفتُّ مرمدا

لعمرُ الجوى في رفقتي بك إنه … يخامر قرحانَ الحشا ما تعودا

و قلتُ صدى قالوا الفراتُ الذي ترى … و هيهات غيرَ الماء ما نقع الصدى

مضى الناسُ ممن كان يعتده الفتى … و ما أكثرَ الباقين إن هو عددا

و كان بكائي أنني لا أرى الأخَ ال … ودودَ فمن لي أن أرى المتوددا

أمنعطفٌ قلبُ الزمان بعاطشٍ … يرى الأرضَ بحرا لا يرى فيه موردا

تحمل شرقيا مع الركب شوقهُ … و قد غار شوقُ العاشقين وأنجدا

له بين أثناء الجبالِ وأهلها … مزارٌ حبيبٌ دونه طرقٌ عدا

و ما بيَ إلا أن أرى البدرَ ناطقا … و ثهلانَ شخصا جالسا متوسدا

و ليثَ الشرى تحت السرادق ملبدا … و بحرَ الندى فوق الأسرة مزدا

و أن أدرك العلياءَ شخصا مصورا … هناك وألقى العزَّ جسما محددا

و من بلغتهُ الأوحدَ الكافيَ المنى … تغزلَ مكفيا وفاخرَ أوحدا

لذاك اشتياقي ليس أن جازني له … على البعد إحسانٌ ولا فاتني ندى

مواهبهُ سارت لحالي كثيفة ً … و شعريَ مطلوبا وذكري مشيدا

فمن نعمة ٍ خضراءَ تسبق نعمة ً … له ويدٍ بيضاءَ لاحقة ٍ يدا

فتى لم أجد لي غيره فأقول ما … أعتم عطاءً من فلانٍ وأجودا

أنالَ وفي الأيام لينٌ وأيبستْ … فلم ينتقص ذاك النوالَ المعودا

إذا بلغَ الزوارُ بابك ألقيتْ … رحالُ ذليلٍ عزَّ أو حائرٍ هدى

و قلَّ من الآرابِ قلٌّ ضممتهُ … و قد جاز في الآفاق نهبا مطردا

تغلقُ أبوابُ الملوكِ أمامهُ … و يرعى لديها الجهلُ وهي لقى ً سدى

تدافعه آدابها وأكفها … مدافعة َ السرح البعيرَ المعبدا

كما شاءها كانت ببعدك دولة ٌ … جفوتَ فقد صارت كما شاءها العدا

فموكبها بعد السكينة نافرٌ … و مركبها صعبٌ وكان ممهدا

عدا الدهرُ فيها إذ نأيت بصرفه … و كان احتشاما منك يمشي مقيدا

فإن يك ضرت هجرة ٌ بعثَ أحمدٍ … فقد حطَّ هجرُ الريّ رتبة َ أحمدا

تعزلَ عنها والمقاليدُ عنده … و وازرها والكدُّ فيمن تقلدا

أيخشى ابن إبراهيمَ فوتَ وزارة ٍ … و قد حازها سقفَ السماء وأبعدا

و لما بدت للعين وقضاءَ جهمة ً … و كانت تريك البدرَ والظبيَ أجيدا

معنسة أفنيت عمرَ شبابها … فلم يبقَ إلا الشيبُ فيها أو الردى

نهضتَ على الإحسان فيها ولم تقم … و عيشك إلا وهي تزعجُ مقعدا

تزوجتها أيامَ تنكحُ لذة ً … و سرحتَ إذ كان النكاحُ تمردا

و خلفتها قاعا يغرُّ سرابها … يديْ حافرٍ لم يسقَ منها سوى الكدا

قليلِ اطلاعٍ في العواقب لو درى … مشقة َ ما في منصدرٍ ما توردا

تلبسها جهلا بأنك لم تكن … لتنزعها لو كنتَ تنزعُ سؤددا

تحدثني عنك الأماني حكاية ً … بما أنا لاقٍ منك كالصوتِ والصدى

و كم زائرٍ منا حملتَ اقتراحه … مضى ساحبا رجلا وآب مقودا

و مثليَ لو دوني أتاك بنفسه … ذنابي وولي عنك رأسا مسودا

عسى عزمة ٌ أوتْ فمثلتَ كاتبا … يقرطس أحيانا فأمثلُ منشدا

و قائلة ٍ هل يدركُ الحطُّ قاعداً … فقلتُ لها هل يقطعُ السيفُ مغمدا

سيلقى بها الكافي عهودا وثيقة ً … لقد زادها الإسلامُ حقا وأكدا

رضيتُ وإن جدّ الجدوبُ تعففا … و عيشا مع الوجه المصون مبددا

و ميلا بنفسي عن لقاء معاشرٍ … أحتهم صخرا وأعصرُ جلمدا

أرادوا ببخلٍ أن يذموا فيعرفوا … خمولا كما أعطيتَ أنت لتحمدا

أعالج نفسا منهمُ مقشعرة ً … و أنفا إذا شموا المذلة َ أصيدا

هو المنقذى من شرك قومي وباعثي … على الرشد أن أصفى هواي محمدا

و تارك بيتِ النار يبكي شرارهُ … عليَّ دماً أن صار بيتيَ مسجدا

عليك بها وصالة ً رحمَ الندى … إذا اشتمل الشعرُ العقوقَ أو ارتدى

هجرنا لها اللفظَ المقلقلَ قربهُ … إلى السمع والمعنى العوانَ المرددا

يخالُ بها الراوي إذا قام منشدا … بما ملك اٌطراب قام مغردا

لكم آلَ إبراهيم نهدي مدائحا … و ذما إلى أعدائكم وتهددا

إذا عزَّ ملكٌ أن يدوم لمالكٍ … و طال على ذي نعمة أن يخلدا

فلا تعدمَ الدنيا الوساعُ مدبرا … يقوم بها منكم ولا الناسُ سيدا