أ وفيهن أضحيت يوم الأضاحي – ابن دارج القسطلي

أ وفيهن أضحيت يوم الأضاحي … كتائب مستقدمات التهادي

بأجمع مولى لشمل العبيد … وأخشع عبد لرب العباد

فأوسعتهن نظام المصلى … وقد غص منهن رحب البلاد

ملاعبة للصبا بالنواصي … مسامية للقنا بالهوادي

تكاد تفهم فصل الخطاب … بتعويدها لاسمك المستعاد

وعرفانه في شعار الحروب … وتبيانه في صريخ المنادي

وترديده في مجال الطعان … وتكريره في مكر الطراد

وفي كل ذكر وفخر ونشر … وشكر وشعر وشدو وشاد

فلما قضوا بك حق السلام … ثنوا لك حق سلام معاد

فوافى قصورك وفد السلام … بأيمن حاد إليها وهاد

يخوضون نحوك بحر العوالي … تموج بها أبحر من جياد

لملء عيونهم من بهاء … وملء صدورهم من وداد

بمرأى هداهم إلى هدي هود … وعاد إليهم بأحلام عاد

وقد ذكرتهم جفانا نمتك … إلى كل ملك رفيع العماد

مطاعم مدت بها في صحون … موائد مستبشرات التمادي

وكم خط جودك بالمسك فيهم … شهادته لمليك جواد

سطورا محون بياض المشيب … بنور محامنه لون السواد

وراح قرين الشباب النضير … وفوداه خطا شباب مفاد

مشاهد غلفت منها الزمان … بغالية مسكها من مدادي

فأشعرتها كل بر وبحر … وأنشقتها كل سار وغاد

وأتبعتها من كباء الثتاء … عجاحا يهب إلى كل ناد

نوافج مجمرها من ضلوعي … تؤججها جمرة من فؤادي

بما علم الهند أنك أمضى … غداة الوغى من ظباة الحداد

وأن ثناءك أزكى وأذكى … على الدهر من طيبه المستجاد

سوائم فخر علت عن مسيم … يرود بها مرتع الإقتصاد

ودعوى هوى لم يزر في كراه … خيال ولا خاطر في فؤادب

وتلك علاك تهادي العيون … كواكب مقتربات البعاد

أوانس تأبى لها أن تصد … مقادمها في الوغى أو تصادي

كواعب مجدك حليتهن … بزهر المساعي وبيض الأيادي

نجوم تنير بنور الأماني … وطورا تنوء بغر الغوادي

فأول أنوائها منك بشر … وفي العهود بصوب العهاد

حيا صدقه منك في آسم وفعل … وشاهده في الورى منك باد

وسماك ربك مأمون غيث … على نشره رحمة للعباد

غمام يئود متون الرياح … ويزجيه للروع متن الجواد

فمن راحة ريحها الارتياح … ومن ماء صاد إلى كل صاد

وسقيا عنان بثني العنان … وبارقه في مناط النجاد

فأشرق من روضه كل حزن … وأغدق من وبله كل واد

وذاب بأندائه كل فصل … يكذب فيه حديث الجماد

ربيع المصيف ربيع الشتاء … مريع الحزون مريع الوهاد

ومن روضه سروات الكماة … تثنى على صهوات الجياد

ومن زهره سابغات الدروع … وبيض الصفاح وسمر الصعاد

وأينع بها في وقود الطعان … وأنضر بها في ضرام الجلاد

وأي فواتح ورد نضيد … مواقعها في نحور الأعادي

وكم غادرت لمهب الرياح … سنا جسد شرق بالجساد

رياضا قسمت أزاهيرهن … لعز الموالي وخزي المعادي

فأهديتها لأنوف الغناء … وأرغمت منها أنوف العناد

وأوردتها كل بحر يمور … بما يلبس الشهب لون الوراد

ودست بها كل صعب المرام … وقدت بها كل عاصي القياد

إذا ما تنادت لجمع ثنته … مجيب المنادي ليوم التنادي

بهن شعبت عصي الشقاق … وعنهن أوضحت سبل الرشاد

أ فأودعتها في نواصي الرياح … لتنثرها في أقاصي البلاد

فكم أنبت الشرق والغرب منها … حدائق تغني عن الإرتياد

ووقفا على سقيها ماء وجهي … وفيض دموعي وما في مزادي

وكم حصد الدهر للخلد منها … ثمار النهى وثمار التهادي

فيا أرأس الرؤساء الجدير … بحكم السداد لقول السداد

أيغرب عندك نجم اغترابي … ومطلعة لك في الأرض باد

وأسقي الورى عنك ماء الحياة … وأرشف منك حميء الثماد

وزرعي فيك حصيد الخلود … وحظي منك لقيط الحصاد

سدادا من العوز المستجار … وأكثره عوز من سداد

قضاء له في يد الإقتضاء … زمام ومن سابق البغي حاد

كعلمك من خطب دهر رماني … بأسهم واش وغاو وعاد

يسلون بين الأماني وبيني … سيوف القلى ورماح البعاد

زمان كأن قد تغذى لسعي … لعاب أفاع وحيات واد

فأودع من نفثه حر صدري … سماما ليالي منها عدادي

وأطفأ نوري وناري عليما … بأن سيضيء الدجى من رمادي

وهان عليه نفاقي بفقدي … لبيع حياتي بيع الكساد

ولولا القضاء الذي فل عزمي … وآد شبا حده متن آدي

وأني دنت إلهي بدين … من الصبر جل عن الإرتداد

لغاضت به قطرة من سحابي … وأودت به شعلة من زنادي

وما انفرجت مبهمات الخطوب … بمثل اشتداد الأمور الشداد

فكلني لحاجبك المستجير … بذمته كل قار وباد

ليقسم لي سهم حمدي وشكري … وينزع سهم الأسى من فؤادي

ليقتادني بيد الإصطناع … ويخلع من يد دهري قيادي

ويكتب فوق جبيني ووجهي … إلى نوب الدهر حيدي حياد

وحسبي فإما رباطي أراني … ثوابي منه وإما جهادي

ب فإن شط عن غرب شأوي مداه … وعادت أماني منه العوادي

فأنت عليه دليلي وعوني … وجدواك ذخري إليه وزادي

فلا أبعد الدهر منكم حياة … تلي نعما مالها من نفاد

ولا خذلتكم يد في عنان … ولا خانكم عاتق في نجاد