أُناديك يا من ليس في سمعه وَقْرُ – ابن الرومي
أُناديك يا من ليس في سمعه وَقْرُ … نداءَ مُحقٍّ لا يُنَهْنههُ الزجرُ
فهل يَسمع الإحسانُ والحسنُ والحجا … تظلُّمَ مظلومٍ ظُلامتُهُ الهَجر
ومنعُ الجَدا المبذولِ حتى كأنني … لَقًى لا يُرجَّى فيه حمدٌ ولا أجر
أَقاسمُدَع قَدْري وما يستحقهُ … وقَدرُك فارفعْهُ فما مثلُه قَدر
وصِلْني بأعْفَى نائِليكَ مِنَ الجدَا … أو اليأسِ تُمْهَر حرمة ً ما لها مَهْر
أَأَعدُو وأَمري لا يسوء مُنافسي … وأمرُك أمرٌ لا يعارضه أمر
وقد أَمَّلتْك النفسُ بعد تحوُّمٍ … لأَبردُ من هذا على قلبيَ الجمر
وكم رُمتُ صبراً إذا جُفيتُ وما أرى … إليه سبيلاً أو يُفاضحني الجهر
على أن نفسي جَرَّبَتها فأُلْفِيَتْ … وليْلَتُها دهرٌ وساعتها شهر
فصرِّحْ فتصريحُ الصريح شبيهُهُ … وحاشاك ضداكالخيانة ُ والغدر
وصُنْ قدرَ نفسٍ عندها عَصبِيَّة ٌ … تُريها بحقٍّ أنّ تأميلك الوَفْر
وتُقْنِعُها بالذُّل وهْيَ عزيرة ٌ … يُكانِفها من عزمها الصبر والنصر
ولكنها مُنَّتْ بِمَنْزورِ حظِّها … لديك وهل شيءٌ تجود به نزرُ
وطاب لها المعروفُ منكَ كأنما … بدا فيه طعمٌ من سجاياكَ أو نَشر
وكلُّ غِنى ً في ظلّ غيركَ تافهٌ … ولو أنني كِسرى وداريَ اصْطَخر
عرضتُ على نفسي الغِنَى منك تارة ً … ومِنِّيَ أُخرى والغِنى مِنَي الصبر
فمالتْ إلى نيل الغنى منكإنهُ … غنى خالصٌوالصبر قِدْماً غنى فقر
وأُقْسِمُ إن لم تُغْنِني أهنأَ الغنى … لأمْتَطينَّ الصبر إذْ حَرَن الدَّهْرُ
ألا فامتعِضْ من قَوْلتي لك عندها … رَوِيتُ بريقي حين أظمأَني البحر
ويا سوءتا للمجد والفخرِ بعدها … وقد حُقَّ أن يُستحسنً المجدُ والفخرُ
ويا عَجَبَاًوالدهرُ جمٌّ عجيبهُ … أيُسْكِرُ ماءٌ حين لا تُسكْرُ الخمر
ويا عجَباًوالدهر جم عجيبهُ … أَيُنْبِتُ طَلٌّ حين لا يُنبت القَطرُ
ويا عجباَوالدهر جم عجيبهُ … أَيُقمِرُ نَجْمٌ حين لا يُقمِرُ البدرُ
ويا عجباًوالدهر جم عجيبهُ … أتَبْهَرُ نارٌ حين لا يَبْهر الفجرُ
أأدعو لِغَوْثي قاسماً وعزيمتي … فتُغْني ولا يُغْني ندَى كفهِ الغمرُ
دعوتُ فما جاش الندى ودعوتها … فجاش بها قلب يُشَيِّعهُ صبر
جرى وجرتْ فاستهدَمتْ وهْو واقفٌ … عجبت لهذا الأمرِ بل عَجِبَ الأمر
ويَعضُدُني صبري ويُغْفِلُ قاسمٌ … مُعاضدَتي والعَقْر من زمني عَقر
وقد سار مدحي شرقَ أرضٍ وغربها … وغنَّى به القوم المقيمون والسَّفرُ
وقِيل مُرجِّي قاسمٍ ووليُّه … ونافَسني في ربح صَفْقَتيَ البَحْرُ
لَعمرِي لقدغَوَّثْتُ غير مُقَصِّرٍ … ليجبر من حالي وقد أمكن الجبر
وكم قائلٍأبلغتَ فيما تقولهُ … فقلتلقد غَنَّيْتُ إنْ ساعد الزَّمر
أيُمطَرُ من صُغرَى بنانك جانبي … وقد أَمطرَتْ قوماً أناملُك العشر
لئن كان نَذْراً منك ظلمُك حُرمتي … ومَدحي وتأميليلقد قُضِيَ النذر
وإن كان ذنباً صِدقُ وُدِّي فإنني … مُصِرٌّ وإن عافانيَ الصَّفح والغُفر
حُنُوّاً بني وهب علينافإنه … على ذاك منكم يصلح الناسُ والعصر
لقد حزَّر الحُزَّار منكم لعبدكم … وفاءً وإفضالاً فلا يخطىء ِ الحَزر
وماأهَّلوا بَذري لِذاك وإن زكا … ولكن لكم خِيمٌ يُريع به البَذر
وبايعَ بعد الفتح قومٌ سبقتهم … فلِمْ أنا في نُعماك رِدْفوهُمْ صدر
ولم يصفَ من شيءٍ صفاءَ طَويتي … فلِمْ شرْبُهم صفو ولِمْ مَشربي كدر
وما جاش مَدٌّ مثلُ مدحيَ فيكُمُ … فلِمْ كسبُهم مَدٌّ ولِمْ مكسبي جَزْر
وماليَ لا أنفك أبغي مُسَنَّداً … ولي مثلكُمْ ظَهْرٌ وما مثلكم ظهرُ
عفاءٌ على الدنيا تفاحَشَ عَكسُها … فخاب بها مثليوفاز بها عمرو
ألا إنها من صورة لقبيحة ٌ … مَنَ اللائي لا يرضى بها وجهك النضرُ
وما بيَ إلا أنْ يراها مُمَيِّزٌ … فَيَتْبَعها من رأيه نظرٌ شزر