أَمّا النَحيبُ فَإِنّي سَوفَ أَنتَحِبُ – صريع الغواني
أَمّا النَحيبُ فَإِنّي سَوفَ أَنتَحِبُ … عَلى الأَحِبَّةِ إِن شَطّوا وَإِن قَرُبوا
ضَلِلتُ في فُرضَةِ الكَلّاءِ مُكتَئِباً … أَبكي عَلَيها بِعَينٍ دَمعُها سَرِبُ
لَما نَظَرتُ إِلى بُعدِ المَزارِ بِهِم … فَعُدتُ أَبكي عَلى نَفسي وَأَنتَحِبُ
ما ضَرَّ مَن كانَ يَنأى عَن أَحِبَّتِهِ … أَلّا يُمَدَّ لَهُ في عُمرِهِ سَبَبُ
يا ساكِنَ الكوفَةِ اللاهي بِلَذَّتِهِ … ما مالَ بي عَن حَبيبٍ غَيرِكَ الطَرَبُ
قَد كُنتُ بِالبَصرَةِ المَغبوطِ ساكِنُها … إِنَّ التُقى وَالصِبا فيها لَمُصطَحِبُ
إِنّي نَظَرتُ إِلى الحورِ الحِسانِ بِها … وَإِنَّما هَمُّهُنَّ اللَهوُ وَاللَعِبُ
إِنَّ العَتيكَ لَحَيُّ ما مَرَرتٌ بِهِ … إِلّا رَجَعتُ وَرَوحي فيهِ مُستَلِبُ
عِندَ الخُرَيبَةِ غيدٌ قَد صَبَونَ بِنا … مِثلُ المَها في رِياضٍ حَولَها العُشُبُ
كُثبانُ رَملٍ إِذا اِرتَجَّت أَسافِلُها … ما لَت بِأَثمارِها مِن فَوقِها القُضُبُ
ما مَرَّ بي رَجَبٌ إِلّا نَعَمتُ بِهِ … يا حَبَّذا رَجَبٌ لَو دامَ لي رَجَبُ
لَمّا ظَهَرتُ لَها بِالمِربَدِ اِحتَجَبَت … مِنّي وَما كادَ نورُ الشَمسِ يَحتَجِبُ
فَبادَرَتها بِوَحيِ القَولِ خادِمُها … فَاِستَضحَكَت ثُمَّ قالَت أَمرُ ذا عَجَبُ
قالَت أَنيلي فَتىً يَهواكِ مُذ زَمَنٌ … قَد مَسَّهُ في هَواكِ الضُرُّ وَالتَعَبُ
قالَت نَعَم أَنتَ تَهوانا فَقُلتُ لَها … أَيِ وَالوِصالِ الَّذي أَرجو وَأَطَّلِبُ
لا هَنَّأَ اللَهُ عَيني مِنكِ نَظرَتَها … إِلَيكِ إِن كانَ لي في غَيرِكُم أَرَبُ
فَلَو تَراني وَخَدّي فَوقَ راحَتِها … وَقَد تَدانَت وَلَمّا تَفعَلِ الرُكبُ
ثُمَّ اِفتَرقنا وَلَم نَأثَم وَنَحنُ كَذا … نَهوى التَلاقي وَما مِن شَأنِنا الرِيَبُ
وَقَهوَةٍ مِنَ بَناتِ الكَرمِ صافِيَةٍ … صَهبا يَهودِيَّةٍ أَربابُها العَرَبُ
تُنمى إِلى الشَمسِ في إِغذائِها وَلَها … مِنَ الرَضاعَةِ في حَرِّ الهَجيرِ أَبُ
حَمراءَ إِن بَرَزَت صَفراءَ إِن مُزِجَت … كَأَنَّ فيها شَرارَ النارِ تَلتَهِبُ
مُحمَرَّةٌ كَفُّ ساقيها بِحُمرَتِها … كَأَنَّما هُوَ بِالفِرصادِ مُختَضِبُ