أَمُشَيِّعٌ أَنَا كُلَّ يَوْمٍ ذَاهِباً – خليل مطران

أَمُشَيِّعٌ أَنَا كُلَّ يَوْمٍ ذَاهِباً … وَمُشَيِّعٌ في الإِثْرِ قَلْباً ذَائِبا

يَا صَاحِبِي أَخْلَفْتَ لِي أُمْنِيَّةً … كَانَتْ دُعَائي لا عَدِمْتُكَ صَاحِبا

أَقْوَتْ مَعَاهِدُنَا وَكَانَتْ بِالهَوَى … مَعْمُورَةً فَإِخَالُهُنَّ خَرَائِبَا

وَأَرَى وُجُوهَ الشَّاهِدِينَ كَأَنَّهَا … تَتَفَقَّدُ الوَجْهَ المُنِيرَ الغَائِبَا

كُنْتَ الأَخَ المَحْبُوبَ وَالإِلْفَ الَّذِي … لَمْ يَنْسَ مُفْتَرِضاً وَيُهْمِلَ وَاجِبَا

إنْ كَانَ فِي عَيْشِي وَقَدْ فَارَقْتَهُ … طِيبٌ فَلَيْسَ العَيْشَ بَعْدَكَ طَائِبَا

إِنَّ الَّذِي كَابَدْتَ فِيهِ مُحَاذِراً … وَمُصَابِراً لَمْ يَبْقَ فيهِ رَاغِبَا

تَوْفِيقُ أَخْطَأَكَ الَّذِي تُدْعَى بِهِ … وَالمَوْتُ لاَ يَرْعَى لِحَيٍّ جَانِبَا

أَيْنَ الكَلاَمُ الحُلوُ تُسْقَاهُ المُنَى … كَالشُّهْدِ مَهْمَا يَخْتَلِفْنَ مَشَارِبَا

أَيْنَ الأَحَادِيث اللِطَافُ وَكُلُّهَا … سِيَرٌ مُلِئْنَ طَرَائِفاً وَغَرَائِبَا

أَيْنَ المَلِيْحُ بِخُلْقِهِ وَبِخَلْقَهِ … أَلطَّاهِرُ الشِّيَمِ النَّقِيُّ مَآرِبَا

سَامِي الشَّمَائِلِ فِطْرَةً لَمْ يَتَّخِذْ … مِنْ غَيْرِهِنَّ مَرَاتِباً وَمَنَاصِبَا

يُجْنَى عَلَيْهِ فَمَا تَرَاهُ حَاقِداً … أَوْ يُسْتَفَزُّ فَمَا تَرَاهُ غَاضِبَا

وَيَظَلُّ بَسَّاماً مَا هُوَ وَجْهَهُ … بَلْ قَلْبُهُ وَسِوَاهُ يَبْسِمُ كَاذِبَا

أَخْلاَقُ إِنْسَانٍ بِمَعْنَاهُ الَّذِي … صَقَلَتْهُ أَحْقَابٌ فَتَمَّ مَنَاقِبَا

أَحَسِيبُ إِنْ تُسْلَبْ أَخَاكَ فَإِنَّنِي … شَاكٍ كَمَا تَشْكُو الزَّمَانَ السَّالِبا

قَدْ كُنْتَ أُسْتَاذِي فَهَلْ أَنَا وَاجِدٌ … قَوْلاً يُثَبِّتُ مِنْكَ قَلْباً وَاجِبا

يَكْفِي عَزَاءً تَرْكُهُ الدُّنْيَا وَقَدْ … مُلِئَتْ أَسىً وَفَوَاجِعاً وَنَوَائِبا

فَليَلْقَ عِنْدَ إِلهِهِ مَا لَمْ يَكُنْ … لِيُنَالَ فِيهَا مِنْ مُنَىً وَرَغَائِبَا