أَمَرْتَنِي وَبِهَذَا الأَمْرِ تُسْعِدُنِي – خليل مطران

أَمَرْتَنِي وَبِهَذَا الأَمْرِ تُسْعِدُنِي … عِبْيءِ ثَقِيلٌ وَلَكِنْ لَيْسَ يُقْعِدُنِي

الصَّوْتُ صَوْتُ الحِمَى يُوحِي إِرَادَتَهُ … إِنْ لَمْ يَجِبْهُ إِلَيْهَا شَاعِرٌ فَمَنِ

هَلْ شَاعِرُ القَوْمِ إِلاَّ صَادِحٌ غَرِدٌ … إِنْ شَاقَهُ فَنَنٌ غَنَّى عَلَى الفَنَنِ

تَشْدُو البَلابِلُ فِي شَجْراءِ نَاضِرَةٍ … وَلا بَلابِلَ فِي خَدَّاعَةِ الدِّمَنِ

جِئْنِي بِمَجْدٍ وَخُذْ مِنِّي تَحِيَّتَهُ … فِي كُلِّ آنٍ وَهْيَ وَلا وَهَنِ

أُوْلى الفُتُوحِ بِإِجْلالٍ وَتَكْرٌمَةٍ … فَتْح المُكَافِحِ لِلآفَاتِ وَالمِحَنِ

وَهَلْ يُشْبِهُ نَصْرٌ فِي مَثَارِ وَغًى … بِالنَّصْرِ فِي حَلْبَةِ الآرَاءِ وَالفِطَنِ

جَنَّاتِ مِصْرَ سَقَاكَ النِّيْلُ حَيْثُ جَرَى … خَصْباً وَأَغْنَاكِ عَنْ هَتَّانَةِ المُزَنِ

فِي مَغْرِسِ فَضْلِ العِلْمِ كَمْ غُصُ … نٍ أَنْبَتَهُ خَيْرَ إِنْبَاتٍ وَكَمْ غُصُنِ

يَسْتَنْشِدُ الطَّيْرُ أَلْحَاناً فَيُنْشِدُهُ … حَتَّى الحَمَامُ بِلا شَجْوٍ وَلا شَجَنِ

فِي مُهْجَتِي حُزْنٌ أَطْوِي صَحِيفَتَهُ … وَ الَيَوْمَ لِلصَّفْوِ لَيْسَ اليَوْمَ لِلْحُزْنِ

اليَوْمَ عِيدٌ تُحَيِّي فِيهِ نَابِغَةً … فِي الطُّبِّ ذَا شَرْعَةٍ طَابَتْ وَذَا سَنَنِ

مِنَ العَبَاقِرَةِ الغُرِّ الَّذِينَ غَدَوا … فِي الشَّرْقِ وَالغَرْبِ ملءَ العَيْنِ وَالأَذُنِ

أَكْرِمْ بع فِي رِفَاقٍ صَارُوا وَاسِطَةً … لِعَقْدِهِمْ رَفِيقٍ بِالعُلَى قَمِنِ

مُمَكَّنٌ فِي أُصُولِ الفَنِّ مُبْتَكِرُ … مُعَالِجٌ لَبِقٌ مًسْتَنبِطٌ ذُهُنِ

مُنَزَّهُ اللَّفْظِ وَالإِيمَانِ عَنْ رِيَبٍ … حُرُّ الضَّمِيرِ نَقِيُّ الطَّبْعِ منْ دَرَنِ

تَبْدُو حِسَانُ الطَّوَايَا مِنْهُ فِي خُلُقٍ … عَلَى الإِسَاءةِ مِنْ أَيَّامِهِ حُسُنِ

هَذَا إِلَى أَدَبٍ فِي المَعْنِيينَ إِلَى … بَدَاهَةٍ فِي إِدَاءٍ جِدًّ مُتَّزِنِ

إِلَى حَيَاءٍ إِلَى جُودٍ بِصَنْعَتِهِ … وَبِالمُبَرَّاتِ لا يَفْسِدْنَ بِالمَنَنِ

بِهِ وَبِالرَّهْطِ مِنْ أَنْدَادِهِ شَرَفٌ … لِمِصْرَ تَزْهَى بِهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ

أَلَمْ تَكُنْ مِصْرُ مَهْدَ الطُّبِّ مِنْ قِدَمٍ … إِذْ كُلُّ عِلَّةٍ حَانٍ عَلَى وَثَنِ

فَهُمْ بِمَا أَبْدَعَتْ فِيهِ قَرَائِحُهُمْ … رَدُّوهُ مِنْ بَعْدِ تَغْرِيبٍ إِلَى وَطَنِ

يَا أَوْحَدَ الدَّهْرِ فِي طُبِّ النِّسَاءِ وَإِنْ … نُفْرِدْهُ لَمْ يُنْتَقَضْ فَضْلٌ وَلَمْ يَهُنِ

أَمَّا اخْتَصَصْتَ بِهِ الجِنْسَ الرَّقِيقَ فَلا … بِدْعَ وَمَا أَنْتَ بِالجَافِي وَلا الخَشِنِ

اللهُ يَعْلَمُ كَمْ أَنْقَذْتَ مِنْ يَتَمٍ … عِيَالِ بَيْتٍ وكم مَزَّقْتَ مِنْ كَفَنِ

وَاللهُ يَعْلَمُ كَمْ أَنْجَبْتَ مِنْ وَلَدٍ … قَدْ يَغْتَدِي غُرَّةً فِي جَبْهَةِ الزَّمنِ

عِلْمٌ طَلَعْتَ الثَّنَايَا مِنْ مَصَاعِبِهِ … حَتَّى بَلَغْتَ إِلَى العَلْيَا مِنَ القِنَنِ

وَقَدْ أَهَمَّكَ مِنْهُ غَيْرُ مِهْنَتِهِ … وَإِنْ تَكُنْ دُونَ شَكِّ أَشْرَفَ المِهَنِ

سِرٌّ تَعَجَّلَ مَرْضَاكَ الشِّفَاءَ بِهِ … وَالبُرْءُ لِلْرُّوحِ قَبْلَ البُرْءِ لِلْبَدَنِ

وَبَاتَ جَرْحَاكَ يَعْتَدُّونَ مِنَ ثِقَةٍ … مَوَاقِعَ النَّصْلِ فِيهِمْ أَسْمَحَ المِنَنِ

فَاهْنَأْ بِمَا نِلْتَ حَقّاً مِنْ مَكَافَأَةٍ … هَيْهَاتَ يَعْدِلُهَا غَالٍ مِنَ الثَّمَنِ