أَرَى الأَيَّامَ صِيغَتُهَا تَحُولُ – سبط ابن التعاويذي
أَرَى الأَيَّامَ صِيغَتُهَا تَحُولُ … وما لِهَواكَ من قلبي نُصولُ
وحُبٌّ لا تُغيِّرُهُ الليالي … مُحالٌ أنْ يُغيِّرَهُ العَذُولُ
بِنَفْسِي مَنْ وَهَبْتُ لَهَا رُقَادِي … فَلَيْلِي بَعْدَ فُرْقَتِهَا طَوِيلُ
وما بخِلَتْ عليَّ بيومِ وَصلٍ … ولكنَّ الزمانَ بها بخيلُ
فَتَاة ٌ فِي مُوَشَّحِهَا قَضِيبٌ … وَتَحْتَ إزَارِهَا حِقْفٌ مَهِيلُ
تَمِيلُ عَلَى الْقُلُوبِ بِذِي کعْتِدَالٍ … لَهُ مِنْ نَشْوَة ٍ وَصِبًى مُمِيلُ
ويُقعِدُها إذا خفَّتْ نُهوضاً … لِحَاجَتِهَا مُؤَزَّرُهَا الثَّقِيلُ
سقا دارَ الحبيبِ وإنْ تناءَتْ … مُلِثٌّ مِثْلُ أَجْفَانِي هَطُولُ
ولا برِحَتْ تُسَحَّبُ للغَوادي … وَطَوْراً لِلصَّبَا فِيهَا ذُيُولُ
فَجَفْنِي وَالْغَمَامُ لَهَا غَزِيرٌ … وقلبي والنسيمُ لها عَليلُ
وَعَنَّفَنِي عَلَى الْعَبَرَاتِ صَحْبِي … عشيّة َ قوَّضَ الحَيُّ الحُلولُ
وَقَالُوا کسْتَبْقِ لِلأَحْبَابِ دَمْعا … فَقَدْ شَرِقَتْ بِأَدْمُعِكَ الطُّلُولُ
مَعاذَ الحُبِّ أنْ أَلقى حَمُولاً … وقد سارتْ بمنْ أهوى الحُمولُ
وعارٌ أنْ تُزَمَّ ليومِ بَينٍ … جِمَالُهُمُ وَلِي صَبْرٌ جَمِيلُ
فَلاَ رَقَتِ الدُّمُوعُ وَقَدْ تَوَلَّتْ … رِكَابُهُمُ وَلاَ بَرُدَ الْغَلِيلُ
وفي الأظعانِ من لولا اعتِلاقي … بِهِمْ لَمْ يَعْتَلِقْ جَسَدِي النُّحُولُ
وَلَوْلاَ الْكِلَّة ُ السِّيَرَاءُ مَا هَا … جَ وَجْدِي بَرْقُ سَارِيَة ٍ كَلِيلُ
وَيَوْمٍ بِالصَّرَاة ِ لَنَا قَصِيرٍ … وَأَيَّامُ التَّوَاصُلِ لاَ تَطُولُ
إلامَ تُسِرُّ لي يا دهرُ غدراً … أمَا انقضَتِ الضغائنُ والذُّحولُ
وَكَمْ يَتَحَيَّفُ النُّقْصَانُ فَضْلِي … ويأخذُ من نَباهَتي الخُمولُ
فيَلْفِتُ وجهَ آمالي ويُلوي … دُيُونِي عِنْدَهُ الزَّمَنُ الْمَطُولُ
مَطالبُ أمسَتِ الأيامُ بيني … وَبَيْنَ مَآرِبِي مِنْهَا تَحُولُ
سأُدرِكُها وَشيكاً والليالي … مُخَزَّرَة ٌ نَوَاظِرُهُنَّ حُولُ
فَتًى بِنَدَاهُ رُضتُّ جَمُوحَ حَظِّي … فأصبحَ وهْوَ مُنقادٌ ذَلولُ
وَهَزَّتْهُ الْمَكَارِمُ لاِصْطِنَاعِي … يُرِيكَ قَوَامَهَا خُوطُ الأَرَاكِ الْـ
وقلَّدَني منَ الإحسانِ عَضْباً … عَلَى نُوَبِ الزَّمَانِ بِهِ أَصُولُ
وَأَلْبَسَنِي مِنَ النَّعْمَاءِ دِرْعاً … تُنَاذِرُهَا الأَسِنَّة ُ وَالنُّصُولُ
إذَا قَلَصَتْ سَرَابِيلُ الْعَطَايَا … ضَفَتْ مِنْهَا الذَّلاَذِلُ وَالْفُضُولُ
فِناءَكَ يا ظَهيرَ الدِّينِ أمَّتْ … ـى لِمُتَيَّمٍ طَلَلٌ مُحِيلُ
مُمَرِّ الحبلِ مُحْصَدة ٍ قُواهُ … وحبلُ سِواهُ مُنقَضِبٌ سَحيلُ
تخافُ سُطاهُ أحداثُ الليالي … ويهربُ من مَواهِبِهِ المُحولُ
مَعاقِلُهُ الجِيَادُ مُسَوّماتٍ … وخيرُ مَعاقلِ العُربِ الخيولِ
ويُشْعِفُ قلبَهُ لَمعُ المَواضي … إذا انتُضِيَتْ ويُطْرِبُهُ الصَّهيلُ
بَغَى قَوْمٌ لَحَاقَكَ يَا کبْنَ نَصْرٍ … وَقَدْ سُدَّتْ عَلَى الْبَاغِي السَّبِيلُ
وراموا نَيلَ شأوِكَ والمعالي … لها ظَهْرٌ براكبِهِ ذَليلُ
فَأَتْعَبَهُمْ مَدَى خِرْقٍ جَوَادٍ … حُزونُ المَكرُماتِ لهُ سُهولُ
وَأَيْنَ مِنَ الثَّرَى نَيْلُ الثُّرَيَّا … وَكَيْفَ تُقَاسُ بِالْغُرَرِ الْحُجُولُ
حَلُمْتَ فَسُفِّهَتْ هَضَبَاتُ قُدْسٍ … وجُدتَ فَبُخِّلَ الغيثُ الهَطُولُ
وَطَوْراً أَنْتَ لِلضَّاحِي مَقِيلٌ … وَطَوْراً أَنْتَ لِلْجَانِي مُقِيلُ
بلغْتَ نهاية ً في المجدِ عزَّتْ … لكَ الأضرابُ فيها والشُّكولُ
على رِسْلٍ فما لكَ من مُجارٍ … إلى رُتَبِ العلاءِ ولا رَسِيلُ
بَلاَ مِنْكَ الْخَلِيفَة ُ ذَا کعْتِزَامٍ … يَذِلُّ لبأسِهِ الخَطبُ الجَليلُ
إمامٌ هذَّبَ الأيامَ رأيٌ … لَهُ جَزْلٌ وَمَعْرُوفٌ جَزِيلُ
ومَدَّ على البلادِ جناحَ عدلٍ … لهُ ظِلٌّ على الدنيا ظَليلُ
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ إلَيْهِ … مَآثِرُ كُلِّ مَكْرُمَة ٍ نَؤُولُ
حَبَاهُ اللهُ بالمُلكِ احتِباءً … وَوَرَّثَهُ خِلاَفَتَهُ الرَّسُولُ
صِفاتٌ لا يُحيطُ بها بيانٌ … وَمَجْدٌ لاَ تُكَيِّفُهُ الْعُقُولُ
أبا بكرٍ هَناكَ جديدُ مُلكٍ … مُحالِفُهُ لكَ العُمرُ الطويلُ
وجَدٌّ ما لطائرِهِ وقوعٌ … وسعدٌ ما لطالِعِهِ أُفولُ
وَلاَ عَدِمَتْ مَوَاطِنُكَ التَّهَانِي … وحَلَّ برَبْعِ طاعتِكَ القُيولُ
شَكَوْتُكَ قِلَّة َ الإنْصَافِ عِلْماً … بأنّكَ منهُ لي كرَماً بديلُ
وإنْ قطعوا حِبالَهمُ جَفاءً … فأنتَ المُحسِنُ البَرُّ الوَصُولُ
عَلَيْكَ جَلَوْتُهَا غُرًّا هِجَاناً … أَوَانِسَ فِي الْقُلُوبِ لَهَا قَبُولُ
لها في قومِها نسَبٌ عريقٌ … إذا انتسبَتْ وبيتُ حِجى ً أصيلُ
فَعَمَّاهَا الْمُرْعَّثُ وَکبْنُ أَوْسٍ … وجَدّاها المُبرَّدُ والخليلُ
مَدَائِحُ مِثْلُ أَنْفَاسِ الْخُزَامَى … تَمَشَّتْ فِي نَوَاحِيهَا الْقَبُولُ
كَمَا طَرَقَتْ رِيَاضَ الْحَزْنِ وَهْناً … شَآمِيَة ٌ لَهَا ذَيْلٌ بَلِيلُ
مُفَوَّهة ٌ إذا هدرَتْ لنُطقٍ … شَقَاشِقُهَا تَقَاعَسَتِ الْفُحُولُ
تَعِزُّ قناعة ً وتَتيهُ صَوناً … وَبَعْضُ الشِّعْرِ مُمْتَهَنٌ ذَلِيلُ
وقبلَكَ كنتُ أُشفِقُ أنْ يراها … وَقَدْ مَدَّتْ إلَيْهِ يَداً مُنِيلُ
إذا أعيا على الكُرماءِ مَدحي … فَكَيْفَ يَسُومُهُ مِنِّي الْبَخِيلُ
رأيتُ الشِّعرَ قالَتْهُ كثيرٌ … عَدِيدُهُمُ وَجَيِّدُهُ قَلِيلُ
فَلاَ تُحْدِثْ لَهَا مَلَلاً وَحَاشَى … عُلاَكَ فَغَيْرُكَ الطَّرِبُ الْمَلُولُ