أَدَارَ الْعَدْلَ مَا أَنْسَاكِ دَهْري – خليل مطران

أَدَارَ الْعَدْلَ مَا أَنْسَاكِ دَهْري … قَضَيْتُ بِسَاحَتَيْكِ أَعَزَّ عُمْري

أَعُودُ إِلَيْكَ يَوْمَ أَنْفَكَّ أَسْرِي … كَسَارٍ عَادَ فِي أَنْفَاسِ فَجْرِ

وَمَا فَارَقْتُ عَنْ مَلَلٍ وَهَجْرٍ … وَلَكِنْ شَاءَ رَبُّكِ كُلَّ أَمْرِ

وَعُدْتُ إِلى هُدَاكِ أَرُدُّ أَمْرِي … إِلى الرَأْي الْخَلِيقِ بِكُل حُرِّ

مَررْتُ بَيْتَ غَيْرِكِ بَيْنَ كَرٍّ … وَفَرٍّ وَسْطَ أَنْوَاء وَصَرِّ

وَفُتَّ بِمَوْطِنٍ سَهْلٍ وَوَعْرٍ … سَبِيلَ الْحَقِّ فِي سِرٍّ وَجَهْرِ

فَمَا لاَنَتْ قَنَاتِي يَوْمَ عُسْرِي … وَلاَ شَذَّتْ طِبَاعِي يَوْمَ يُسْرِ

وَكُنْتُ كَعَهْدِكِ الْمَسْؤُولِ أَجْرِي … على الْعَدْلِ الْمُجَرَّدِ بَيْنَ غَيْرِي

صَبَرْتُ عَلَى بُعَادِكِ جُلَّ صَبْرِي … كَرِيمَ الْعَيْشِ فِي حُلْوٍ وَمُرِّ

كَرِيماً رَغْمَ أَعْنَاتٍ وَقَسْرٍ … عَزِيزاً جَانِبِي فِي كُلِّ طَورِ

وَكَمْ مَرَّتْ لَيَالٍ لَسْتُ أَدْرِي … أَنَصْرٌ صُبْحُهَا أَمْ يَومُ قَهْرِ

صَمَدْتُ لِصَرْفِهُنَّ صُمُودَ صَخْرٍ … فَكمْ سَهْمٍ تَكَسَّرَ دُونَ صَدْرِي

سَمَوْتُ عَنِ الصَّغَارِ فَصُنْتُ قَدْرِي … وَأَكْثَرَ مَنْ رَأَيتُ رِجَالَ غَدْرِ

لَهُمْ قَلْبُ البَغِيِّ وَوَجْهُ بَكْرٍ … وَمَسْمُومُ الفِعَالِ وَلَفْظُ سِحْرِ

تَنَسَّرَتِ الْبُغَاثُ بِأَرضِ نَسْرٍ … وَدَلَّ الذِّئْبُ فِي أَرْضِ الْهِزَبْرِ

وَشَمَّرَ عَنْ مَدَاهُ كُلُّ غُرِّ … وَطَاوَلَ صَاحِبُ الْمَاضِي الأَغَرِّ

عَلَوْتُهُمُ بِطَبْعٍ لَيْسَ يَجْرِي … مَعِ الأَهْوَاءِ مِنْ وَكْرِ لِوَكْرِ

سَخِرْتُ بِكُلِّ مَشَّاءٍ بِهَجْرٍ … فَبَاءَ بِخَيْبَةٍ وَمَرِيرِ خَسْرِ

وَإِذَا عَصَفَتْ عَوَاصِفُهُمْ بِشَرٍّ … وَقَتنِيها يَدٌ سَبَقَتْ بِخَيْرِ

جَزَتْ خَيْراً لِخَيْرٍ يَوْمَ ضَرٍّ … وَأَلْقَتْ سَتْرَهَا أَكْرِمْ بِسَتْرِ

وَرَدَّتْ سَهْمَهُمْ عَنْ نَيْلِ نَحْري … حَمَاهُ اللهُ مِنْ مَلِكٍ أَبَرِّ

أَفَاءَ ظِلاَلَهُ فِي يَوْمِ حَرٍّ … فَبَاتَتْ نَارُهُمْ بَرْداً بِصَدْري

شَكَرْتُ اللهَ يَوْمَ بَلَغْتُ بِرِّي … رَخِيِّ الْبَالِ مَحْمُودِ الْمَقَرِّ

وَمَا مِثْلُ الْقَضَاءِ مَجَالُ فَخْرٍ … وَلاَ مِثْلُ العَدَالَةِ رَمْزُ طُهْرِ