أَجَابَ الشَعْرُ حِينَ دَعَا الوَفَاءُ – خليل مطران

أَجَابَ الشَعْرُ حِينَ دَعَا الوَفَاءُ … وَكَانَ إِذَا دَعَوْتُ بِهِ إِبَاءُ

فَإِنْ يَعْجَزْ بَيَانِي حَيْثُ فَنِّي … فَلَيْسَ بِعَاجِزٍ حَيْثُ الَولاَءُ

نَجِيبٌ وَهْوَ مَا هُوَ فِي وَدَادِي … وَإِجْلاَلِي أَيُخْطِئُهُ الثَّنَاءُ

أَحَقُّ فَتَىً بِمَا تَصِفُ القَوَافِي … فَتىً فِيهِ الشَّجَاعَةُ وَالحَيَاءُ

لأَحْمَدِ فِي المَفَاخِرِ كُلِّ بِكْرٍ … مِنَ الخَفِرَاتِ نَمَّ بِهَا الضِّيَاءُ

سَرِيٌّ مِنْ سُرَاةٍ حُبَّ فِيهِ … ثَرَاءُ الخَلْقِ يَدْعَمُهُ الثَّرَاءُ

أَدِيبُ يُبْرِزُ المَعْنَى مُصَفًّى … بِلَفْظٍ لاَ يُشَابُ لَهُ صَفَاءُ

خَطِيبٌ تَنْهَلُ الأَسْمَاعُ مِنْهُ … مَنَاهِلَ لِلْنُّفُوسِ بِهَا شِفَاءُ

وَلِيُّ مَنَاصِبٍ لَمْ تُنْسَ فِيهَا … مَآثِرُهُ الإِدَارَةُ وَالقَضَاءُ

وَزِيرٌ لَمْ تُرَنِّحْهُ المَعَالِي … وَلَمْ يَأْخُذْهُ بِالجَّاهِ إِنْتِشَاءُ

أَدَارَ وَزَارَتَيْهِ فَلَمْ تَفِتْهُ … مَعِ الحَزْمِ العَزِيمَةُ وَالمَضَاءُ

وَأَشْهَدُ مَكْبِريهِ كَيْفَ تُؤْتَى … ثِمَارُهُمَا الحَصَافَةُ وَالفَتَاءُ

إِذَا مَا ازْدَادَ مَجْداً زَادَ لُطُفاً … وَمَا فِي اللُّطْفِ خَبٌّ أَوْ رِيَاءُ

تَوَاضُعُ مَنْ عَلاَ فِي النَّاسِ أَحْجَى … وَللهِ العَظِيمِ الكُبْرِياءُ

مَتَى تَسَلِ المَعَارِفَ عَنْهُ يُنْبِيءُ … بِمَا فَعَل الثَّقَاتُ الأَوْفِيَاءُ

مَدَارِسُ أُصْلِحَتْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ … فَعَاوَدَهَا التَّرَعْرُعُ وَالنَّمَاءُ

فُنُونُ ثَقَافَةٍ رُعِيَتْ وَصِينَتْ … فَزَالَ الرِّيبُ وَانْتَعَشَ الرَّجَاءُ

بَرَامِجُ قُوِّمَتْ مِنْ حَيْثُ آوَتْ … فآبَتْ لاَ مُحَالُ وَلاَ التَوَاءُ

مَتَى تَسَلِ التِّجَارَةَ عَنْهُ تَعْلَمْ … هُنَالِكَ مَا تَقَاضَاهُ الدَّهَاءُ

وَمَا سَيَكُونُ مِنْهَا حَظُّ مِصْرٍ … وَقَبْلاً حَظُّهَا مِنْهَا هِبَاءُ

مَتَى تَسَلِ الصِّناعَةَ تَدْرِ أَنِّي … تَصَرَّفَ فِي مَعَاضِلِهَا الذَّكَاءُ

وَهَيِّأَ فِي الحِمَى عَيْشاً رَغِيداً … لَقَوْمٍ كَانَ حِلْفَهُمْ الشَّقَاءُ

يُعِيدُ إِليَّ هَذَا اليومُ ذِكْرَى … لَهَا فِي أَحْسَنِ الذِّكَرِ البَقَاءُ

ذَخِيرةُ مَصْرَ جَامِعَةُ حَقِيقٍ … بِهَا رِفَقُ الوِلاةِ وَالاعْتِنَاءُ

تَجَنَّى حَادِثٌ جَلَلٌ عَلَيْهَا … وَنَابَ عَنِ الوَلاءِ لَهَا العِدَاءُ

صُروحٌ لَمْ تَكَدْ تَعْلُو ذُرَاهَا … وَجُدْرٌ لَمْ يَجِفَّ لَهَا طلاَءُ

تَغَلْغَلَ فِي حَنَايَاهَا التَّنَابِي … وَخَيَّمَ فِي زَوَايَاهَا العَفَاءُ

وَيَدْعُو العِلْمُ صُونُوهَا تَصُنْكُمْ … فَمَا أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ دُعَاءُ

إلى أَنْ عَالَجَ الفَتْحَ المُرَجَّى … صبُورٌ لاَ يَخِيبُ لَهُ بَلاَءُ

إِذَا اسْتَعْصَى مُرَامٌ لُجَّ فِيهِ … وَلَمْ يَقْعُدْ بِهِمَّتِهِ العَنَاءُ

فَظَلَّ مُكَافِحاً حَتَّى وَقَاهَا … وَشَاءَ اللهُ فِيهَا مَا يَشَاءُ

بَنَى اسْتِقْلاَلَهَا سُوراً مَنِيعاً … وَلاسْتِقْلاَلِ أُمَتِهِ البِنَاءُ

وَلَمْ يَكْرِثْهُ مَا لاَقَاهُ فِيهَا … كَذَاكَ يَكُونُ لِلْوَطَنِ الفِدَاءُ

فَتَى الفِتْيَانِ إِقْدَاماً وَعِلْماً … وَمَا هُمْ في مَجَالِهِمَا سَوَاءُ

إِذَا أُكْرِمْتَ وَالحَفَلاَتُ شَتَّى … فَذَلِكَ شَكْرُ مِصْرَ وَلا مِرَاءُ