أَتُرَى جَازِعاً وَأَنْتَ صَبُورُ – خليل مطران
أَتُرَى جَازِعاً وَأَنْتَ صَبُورُ … إِنَّ خَطْباً أَكْبَرْتَهُ لَكَبِيرُ
ثَكِلَتْ مِصْرُ مَنْ جَزِعَتْ عَلَيْهِ … ثُكْلَ أُمٍّ فقَلْبُهَا مَفْطُورُ
لاَ يُبَرِّح بِكَ الأَسَى فإِذا الْعَزْ … مُ الذِي كَانَ قَاهِراً مَقْهورُ
وَعَظِيمُ الرِّجَالِ تَعْلمُ مَنْ جَلَّ … عَلَى قَدْرِ مَا تَجِلُّ الأُمُورُ
هَكَذا هَكذَا الْوُجُودُ وَمَا الأَرْ … وَاحُ إِلاَّ الصَّبَا وَإِلاَّ الدَّبُورُ
وحَيَاةُ اللَّبِيبِ أَسْرٌ فهَلْ يُرْ … ثَى لهُ حِينمَا يُفَكُّ الأَسِيرُ
مَا اجْتِرَائِي عَلَى الْوزِيرِ المُعَلَّى … بِعِظاتِي وَهْوَ الْحَكِيمُ البَصِيرُ
وَهُوَ النَّابِهُ الَّذِي اسْتَشْرَف الغَيْبَ … فأَبْدَتْ لَهُ الْخَفَايَا السُّتُورُ
أَبَنِي الرَّاحِلِ العَزِيزِ إِذَا لَمْ … تَمْلِكُوا النَّفْسَ فَالمصابُ خَطِيرُ
رَحِمَ اللهُ مَن قَضَى إِنَّ مَن … تَبْكُونَ بِرّاً لَخَاِلدٌ مَبْرُورُ
رَجُلٌ كَانَ فِي اعْتِكَارِ الدَّيَاجِي … نَيِّراً يَهْتَدِي بِهِ المُسْتَنِيرُ
جَمَعَ الحِلمَ وَالنَّدَى فَهْوَ سَمْحٌ … مَا يَثَاءُ الكَمَالُ وَهْوَغَفُورُ
هِمَّةٌ لاَ تَنِي وَقلْبٌ خَفُوقٌ … لِلعُلَى لاَ يَهِي وَلاَ يَسْتَطِيرُ
وَافِرُ المَحْمَدَاتِ فِيهِ خلاَلٌ … غَيْرُهُ بِالأَقَلِّ مِنهَا فخورُ
مُوشِكٌ فِي تَوَاضُعِ النَّفْسِ أَنْ … يُسْرِفَ لَولاَ جَلاَلُهُ المَوْفُورُ
خُلُقٌ فِي دِمائِكُمْ يَتَمَشَّى … مِن قِديمٍ وَإِنَّهُ لُطَهُورُ
يَسْتَوِي فِيهِ زَارِعٌ وَطَبِيبٌ … وَأَدِيبٌ وَنَائِبٌ وَوَزِيرُ
إِنَّ كَفْراً يُدْعى مُصَيْلِحَة … سَمَّاهُ لاَ شَكَّ أَلْمَعِيٌّ خَبِيرُ
لَيْسَ بِدْعاً وَفِي المَكَانِ صَلاحٌ … أَنْ يُرَاعَى فِي اسْمِ المَكانِ النَّظِيرُ
ساسَهُ شيْخُكُمْ بِحَزْمٍ وَعَزْمٍ … فَغَدا وَهْوَ بِالنَّدى مغْمُورُ
جَعَلَ القَومَ إِخْوَةً يَكْثُرُ … الخَيرُ فِيهِمْ وَيَنْدُرُ الشِّرِّيرُ
حَبَّبَ السَّعَي فِي الحَيَاةِ إِلَيهِم … فَإِذَا هُمْ وَلَيْسَ فِيهِم فَقِيرُ
بَاذِلاً نُصْحَهُ مُشِيراً بِمَا فِيهِ … فَلاَحٌ نِعْمَ النَّصِيحُ المُشِير
مَانِحاً هَمَّهُ مُهِمَّتَهُ تِلكَ … وَقَد يُصْلِح الكَثِيرُ اليَسِيرُ
مَصْلِحُ الكِفْرِ مُصْلِحُ القطْرِ هَلِ … مصْرُ لَعَمْرِي إِلاَّ قُرىً وكفورُ
إِنْ يُعَظَّمْ شأْن الحَواضِرِ إِجْحَافاً … فمَا الشَّأْنُ فِي الضيَاعِ صَغِيرُ
رب حيٍّ أَوْلَى التَّقدُمَ حَيّاً … وَله فِي الظوَاهِرِ التَّأْخِيرُ
غاِلبُ الضَّيْرِ مَا يَجِيءُ مِنَ المدْ … نِ وَنزْر مِنَ القرى ما يَضِير
إِنَّ بُعْداً عَنْ كُل حَشْدٍ مُقِيمِينَ … لتَقْوَى وَرَاحَةٌ وَسُرُورُ
لَو أَعَزَّ المُقَامَ قَرْب مِنَ النَّا … سِ إِذَنْ هَانَ فِي الجِبَالِ ثِبيرُ
أَوْ أَتى الطُّورَ فِي الجَمَاهِيرِ موسى … مَا زكتْ نَارُهُ وَلا لاحَ نُورُ
إِنَّمَا نُزِّلَتْ علَيهِ انفِراداً … كَلِمَاتُ الهُدَى فكَانَ الطُّورُ
هَكذَا سَادَ رَبْعَهُ وَرَعاهُ … ذِلكَ السيدُ الحَصِيفُ الوَقورُ
فَهْوَ فِيهِ الأَبُ الحَبِيبُ إِلَى … كُل امِريءٍ وَالمؤدِّبُ المُشكُورُ
طَاولَ النَّجْمَ عِزُّهُ وَعَلَى قَرْ … يَتِهِ كلُّ أَمِرِه مَقْصورُ
عفَّ عَنْ بَسْطَةٍ وَلَو دَبَّرَ … الملكَ لَما جَازَ وُسْعَهُ التَّدْبِيرُ
غَايَةُ النُّبلِ فِي الفِعَالِ صِغاراً … وَكباراً أَلاَّ يكونَ قُصُورُ
ذَاكَ مَنْ قَدْ عَلِمتُ فِي ذَاتِهِ … وَالفَضلُ فِي آلِهِ الكِرَامِ كَثِيرُ
مَاتَ مِن قبْلِهِ حُسَيْنٌ وَلمْ … يَعْدِلْهُ قَاضٍ حُرٌّ نَزِيهٌ قَدِيرُ
وعَلِيٌّ لَو ظلَّ وَهْوَ يُديرُ … الحُكْمَ مَا فَاقَهُ الغَدَاةَ مُدِيرُ
دَعْهُمَا وَاذكُرِ البَنِينَ لَقَد عا … شَ فَقِيدٌ بِوُلْدِهِ مَذْكُورُ
حَبَّذَا الفِتْيَةُ العُلَى مِن مَصَا … بِيحِ نُبُوغٍ يَرُوعُ مِنهَا الزُّهورُ
كلُّ نَجمٍ مِلءُ العُيُونِ ظهُوراً … بِسَنَاهُ وَمَا مُنُاهُ الظُّهُورُ
مَنْ كَعَبْدِ الْعَزِيزِ طَلاَّعَ أَنْجَا … دٍ صِعابٍ إِذَا دَعَاهُ الضَّمِيرُ
لاَ يُبَارِي ذَاكَ الذَّكَاءَ ذَكَاءٌ … لاَ وَلاَ ذِلكَ الشُّعُورَ شُعُورُ
هُوَ يَومَ الفَخَارِ طِفْلٌ وَدِيعٌ … وَهْوَ يَومَ الحِفَاظِ لَيثٌ هَصُورُ
مَا لِحَيٍّ فِي حُبِّ دَارٍ تُفَدَّى … قَلبُهُ الصَّادِقُ الوَفِيُّ الَغُيورُ
حَسْبُهُ أَنهُ بِإِجْمَاعِ مِصْرٍ … صَوْتُ مِصْرٍ وَسَيْفُهَا المَشْهُورُ
فَعَزَاءً آلَ الفَقِيدِ فمَا لِلحَيِّ … إِلاّ هَذَا المَصِيرُ مَصِيرُ
إِنَّ ذاكَ الَّذِي تُعَزَّوْنَ فِيهِ … لَيُعَزَّى فِيهِ التُّقَى وَالخَيرُ
لَقِيَ اللهُ غَيرَ بَاغٍ فَفِي الدُّنَيا … نَحِيبٌ وَفِي الجِنَانِ حُبُورُ
عُمَرٌ غَيرُ غَائِبٍ وَحِماهُ … بِبَنِيهِ مِنْ بَعْدِهِ معْمُورُ