أَتَرَوْنَ فَوْقَ مَنَاكِبِ الأَدْهَارِ – خليل مطران

أَتَرَوْنَ فَوْقَ مَنَاكِبِ الأَدْهَارِ … شَفَقاً يَلُوحُ كَعَسجَدٍ مُنْهَارِ

حِقَبٌ دَجَتْ مِنْهَا السُّفُوحُ وَلَمْ يَزَلْ … فَوْقَ الذُّرَى مِنْهَا بَرِيقُ نُضَارِ

يَا مَغْربَ المَاضي أَمَا مِنْ آيَةٍ … فَتَعُودَ فِي سَحَرٍ مِنَ الأَسْحَارِ

هَذَا صَبَاحٌ مُقْبِلٌ مِنْ غَيْبِهِ … فَتَبَيَّنُوهُ يَا أَولِي الأَبْصارِ

فَجَرُ الرَّجَاءِ بَدَا لَكُمْ وَإِزاءَهُ … شَفَقُ البَقِيَّةِ مِنْ عُلىً وَفَخَارِ

شِقَّانِ مُؤْتَلِفَانِ تَسْبِكُ مِنْهُمَا … تَاجاً لِمِصْرَ أَنَامِلُ المِقْدَارِ

نُجَبَاءَ مِصْرَ الثَّائِرِينَ لِعِزِّهَا … وَجَلاَلِهَا مِنْ ذِلَّةٍ وَصَغَارِ

عُلَمَاءَ مِصْرَ الرَّافِعِي أَعْلاَمَهَا … بِالفَضْلِ فِي مُتَقَاطِرِ الأَقْطَارِ

تَبْغُونَ أَنْ تَحْيَوْا وَتَحْيَا مِصْرُكُمْ … حَقَّ الحَيَاةِ وَمَا بِهَا مِنْ عَارِ

وَمِلاَكُ أَمْرِكُمُ التَّآخِي بَيْنَكُمْ … تَتَعَارَفُونَ مِنَ اسْمِهِ بِشِعَارِ

بَلَدّ تُفدِيهِ قُلوُبُ فِئَاتِهِ … هُوَ فِي مُضَاعَفَةٍ مِنَ الأَسْوارِ

خُوضُوا الغِمَارَ لِتَظْفَرُوا بِمُرَادِكُمْ … لاَ فَوْزَ إِلاَّ بَعْدَ خَوْضِ غِمَارِ

مَا شَاءَ سَعْدُ الدَّارِ أَنْ تَشْقَوْا لَهُ … فَاشْقَوْا لَهُ مَا شَاءَ سَعْدُ الدَّارِ

إِنْ شَقَّ تَرْحَالٌ فَهَذِي هِجْرَة … لا شُقَّةً فِي مِثْلِهَا فَبَدَارِ

سِيرُوا تَتِمُّوا فِي الحَيَاةِ فَطَالَمَا … كَان التَّقَاعُسُ مُؤْذِياً بِبَوارِ

مَا اللُّجُّ وَادَعَ أَوْ تَشَاكَسَ حَارِناً … إِلاَّ ذَلُولَ الرَّاكِبِ الْكَرَّارِ

مَا البَرُّ أَنْجَدَ أَوْ أَغَارَ بِجَائِبٍ … إِلاَّ سَلِيبَ خُطىً وَنَهْبَ قِطَارِ

رَكْبُ النَّجَاةِ اسْتَطْلِعُوا لِبِلادِكُمْ … فِي الغَرْبِ كُلَّ مَطَالِعِ الأَنْوَار

هُزُّوا مَنَابِرَهُ بِعَالِي صَوْتِكُمْ … حَتَّى يَرِنَّ صَدَاهُ فِي الأَقْطَارِ

أَنْتُمْ جُنُودُ السِّلْمِ رُسْلُ جِهَادِهِ … أَنْتُمْ أَشِعَّةُ مِصْرَ فِي الأَمْصارِ

أَنْتُمْ أَشِعَّةُ حَزْمِهَا شَفَّافَةً … عَنْ حُزْنِهَا وَالنُّورُ بَثُّ النَّارِ

أَلعَدْلُ إِن يُقْصَدْ فَأَيْنَ مَكَانُهُ … فِي نُكْرِ مَعْرِفَةٍ وَغَصْبِ جِوَارِ

أَلرَّأْيُ تَكْمدُ شَمْسُهُ فِي مَوْطِنٍ … مُتَنَاقِضِ الإِعْلاَنِ وَالإِسْرَارِ

أَلخَيْرُ تُفْقَدُ سُبْلُهُ فِي مَجْمَعٍ … مُتَعَارِضٍ الإِقْبَالِ وَالإِدْبَارِ

إِنِّي لَمُغْتَبِطٌ بِعَزْمِ كِبَارِكُمْ … وَهُوَ الحَقِيْقُ بِغَايَةِ الإِكْبَارِ

وَأَقُولُ لِلْمُزْرِي بِسِنِّ صِغَارِكُمْ … لَيْسَ العَظِيمُ هُمُومُهُمْ بِصِغَارِ

لَسْتُمْ غُلاَةً خَالَ ذَلِكَ مِنْكُمُ … مَنْ لَمْ يَخَلْكُمْ مِنْ ذَوِي الأَخْطَارِ

لَيْسَ الَّذِي تَبْغُونَهُ مِنْ مَطْلَبٍ … إِلاَّ أَحَقَّ مَطَالِبِ الأَحْرَارِ

أَمُهَاجِرِي أَرْضَ الكِنَانَةِ إِنَّكُمْ … وَجَمِيعَ مَنْ فِيهَا مِنَ الأَنْصَارِ

امْضُوا دُعَاةً لِلهُدَى وَاسْتَنْصِفُوا … بِالحَقِّ لِلْبَلَدِ العَزِيزِ الْجَارِ

كُونُوا الشُّهُودَ لَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ … بِرُجُوعِ شَمْسِ نَهَارِهِ المُتَوَارِي