أَبْكِيكَ يَا زَيْنَ الشَّبَابِ – خليل مطران

أَبْكِيكَ يَا زَيْنَ الشَّبَابِ … يَا كَوْكَباً فِي التُّرْبِ غَابْ

تَوْفِيقُ إِنْ تَذْهَبْ فَكمُلُّ … مُزْمِعٌ هَذَا الذَِهَابْ

أَسْفٌ عَظِيمٌ لِلأحِبَّةِ … أَنْ تَبَينَ بِلاَ مَآبْ

بَعْدَ القُصُورِ البَاذِخَاتِ … أَبَاتَ مَأْوَاكَ التُّرَابْ

وَمِنَ الثَّرَاءِ وَمِنْ مَفَا … خِرِهِ انْتَهَيْتَ إلى تَبَابْ

تِلْكَ الفَجِيعَةُ حَوَّلَتْ … أَمْنَ النُّفُوسِ إِلَى اضْطِرَابْ

لَمْ تُرْوَ مِنْ قِدَمٍ وَلَمْ … تَقْصَصْ حَدٍِيثاً فِي كِتَابْ

وَارَحْمَتَا لَكَ مِنْ قَتِيلٍ … لَمْ يَزَلْ غَضَّ الإِهَابْ

فَتَكَ الذِئَابُ بِهِ … وَبَعْضُ النَّاسِ شَرٌّ من ذِئَابْ

مَا ذَنْبُهُ إِلاَّ السَّمَاحُ الْمَحْضُ … والأَدَبُ اللُّبَابْ

نَزَلُوا حِمَاهُ وَكَانَ أَمْنَعَ … فِي حِمَاهُ مِنْ عِقَابْ

وَرَمَوْا فَمَا أَلْقَى الشِّهَابَ … مِنَ العَنَانِ سِوَى شِهَابْ

مَا كَانَ أَغْنَاهُمْ وَذَاكَ … البَابُ لِلإحْسَانِ بَابْ

لَوْ أَنَّهُمُ لاَقَوْا ذَوِي الحَاجَاتِ … فِي تِلْكَ الرِّحَابْ

فِي حِكْمَة الدُّنْيَا وَفِي تَصْرِيفِهَا … العَجَبُ العُجَابْ

قَدْ يَظْفَرُ الجانُونَ فِيهَا … بِالكَرَامَةِ وَالثُّوَابْ

وَعَلَى رُؤُوسِ الخَائِفِنَ … اللهَ قدْ يَقَعُ العَقَابْ

دُنْيَا تُخَالِفُ كُلَّ تَقْدِيرٍ … وَتَخْلِطُ فِي الحِسَابْ

فِي زُهْرِهَا الغَرَّارِ لِلْسَّارِي … وَفِي الوَرْدِ السَّرَابْ

فَتَظَلُّ كُلُّ حَقِيقَةٍ … فِيهَا مَحَلاً لاِرْتِيَابْ

ما كُنْتَ يَا تَوْفِيقُ إِلاَّ … مَنْ تَفَدِّيهِ الصِّحَابْ

لِشَمَائِلَ مَمْلُؤَةٍ أُنْساً … وَأَخْلاَقَ عِذَابْ

وَصَفَاءَ طَبْعٍ لَمْ يُكَدِّرْهُ … الزَّمَانُ وَلَوْ أَرَابْ

وَمُروءَةً فِي كُلِّ حَادِثَةٍ … لَها دَاعٍ مُجَابْ

لَكِنْ وَكَمْ لَكِنْ تُقَالُ … إِذَا كَبَا بِالجَدِّ كَابْ

حِكْمُ الَّذي بَرَأَ البَرِيَّةِ … لاَ سُؤَالَ وَلاَ عِتَابْ

وَهُوَ الَّذِي تَعْتَاضُ بِالنَّعْمَى … لَدَيْهِ مِنُ العَذَابْ

وَعَلَيْهِ تَحْقِيقُ الرَّجَاء … فَمَنْ رَجَا إِلاَّهُ خَابْ

إِدْوَرَدُ عِشْ مُتَوَافِرَ الآلاَءِ … مَرْفُوعَ الجَنَابْ

فِي غِبْطَةٍ تَصْفُو وَبِالْغَيْرِ … المُلِمَّةِ لاَ تُثَابْ

لاَ بِدْعَ إِنْ وَاسَاكَ أَهْلُ … القُطْرِ فِي ذَاكَ المُصَابْ

فَلأَنْتَ ذَاكَ الفَرْعُ مِنْ … أَصْلٍ زَكَا فِيهِ وَطَابْ

مِنْ أُسْرَةٍ طَهُرَتْ … خَلاَئِقُهَا وَلَمْ تُوصَمْ بِعَابْ

ضُرِبَتْ بِسَهْمٍ فِي العُلَى … فَأصَابَ مِنْهَا مَا أَصَابْ

وَلأَنْتَ خَيْرُ بَقِيَّةٍ … منْهَا تُرْجَى أَوْ تُهَابْ

زَانَتْكَ آدَابٌ رَقِيقَاتٌ … وَأَخْلاقٌ صِلابْ

لُطْفٌ وَظُرْفٌ فِي الحَدِيْثِ … وَفِي السُّؤَالِ وَفِي الجَوَابْ

عَزْمٌ يَفِّلُ مَكَارهَ الدُّنْيَا … وَيَهْزَأُ بِالصِّعَابْ

رَأْيٌ إِذَا أَبْدَيْتَهُ فِي مَعْضِلٍ … فَصْلُ الخِطَابْ

مَجْدٌ أَبَى شَرَفاً وَجُوداً … أَنْ يُشَبَّهُ بِالسَّحَابْ

يَا مَنْ نُعَزِّيهِ وَيَدْرِي … فَوْقَ مَا نَدْرِي الصَّوَابْ

وَعْدُ المُهَيْمِنِ بِالسَّعَادَةِ … لَيْسَ بِالْوَعْدِ الكِذَابْ

فَلِمَنْ تَوَلَّى رَحْمَةً … في خِلْدِهِ وَلَكَ احْتِسَابْ