أيُّ حِرَاكٍ غالَ منكَ السكونْ – كشاجم

أيُّ حِرَاكٍ غالَ منكَ السكونْ … ونارٍ كيسٍ أطفأتْهَا المُنونْ

يا بشرُ إنْ تُودِ فكُلّ أمرىء ٍ … بمثلما صرتَ إليه رَهِينْ

أو تُمْسِ غصناً في الثّرى ذاوياً … فقد ذَوَتْ قبلَكض فيهِ غُصُونْ

أَو يَبْلُ من خُسنِكَ رَيْعَانُهُ … فهكذا تنمي وَتَبْلى القُرُونْ

وليس مملوكٌ ولا مَالِكٌ … بخالدٍ كُلٌّ بموتٍ رَهينْ

منْ لِدَواة ٍ كنتَ تُعْنَى بها … عناية ً تعجزُ عنها القُيُونْ

أَمْ مَنْ لحاجاتٍ إذا ما مضى … فيها مَضَى وهو لِنُجْحٍ ضَمِينْ

أمْ منْ لكُتْبٍ كنتَ في طيّها … أسرعَ مما تمتلي في الجُفونْ

أمْ مَنْ لتذليلِ صعابٍ إذا … بَاشَرَها سهّلَ منها الحَرُونْ

أمْ مَنْ لكاسٍ ولدا مشيه … فيها لهُ من كلّ فنٍّ فُنونْ

يطوي الطوايرَ بلا كلفة ٍ … واللصقُ في الإلصاقِ لا يستَبِينْ

ظبْيُ كناسٍ يزنيه الرّدى … والليثُ لا يدفعُ عنهُ العَرِينْ

وجهٌ على البابِ إذا أمّه … رزقٌ وللكوكبِ حِصْنٌ حَصِينْ

يميّزُ الناسُ بتمييزه … منازلَ فيها شريفٌ ودُونْ

طَاهي قُدُورٍ طيّبٌ كفّه … مذاقُها فالغَثُّ فيها سَمينْ

يرمي إلى المفصلِ سِكّينَهُ … فَقَبْلَ أنْ تقربَ منهُ يَبينْ

يا ناصحي إذْ ليسَ لي ناصحٌ … ويا أميني إذ يخونُ الأَمينْ

لّما دّفَناكَ رَجعنَا وفي الأَحـ … ـشَاءِ من فَقْدِكَ داءٌ دَفِينْ

أمتَعْتْنَي حيّاً وآجرتني … ميتاً فحظّي منكَ دُنْيَا وَدِينْ

كنتَ لأَسراري فأصبحتَ قد … أُبيحَ من سريَ حِمَاهُ المَصُونْ

وكنتَ لي أنساً فلا أُنْسَ لي … وكنتَ عوناً فبمَنْ ستعيِنْ

إنْ تخلفِ الآمالُ في عُمْرِهِ … فلا تَكنْ تُخْلِفُ فيهِ الظّنونْ

تغدوا مع الكتَّابِ غلمانُهُمْ … ووأعتدي وَحْدِي وما لي قَرينْ

ولو أشا اعتضْتُ ولكنَّ ما … يعتاضُ إلاّ تاجرٌ أو خَؤُونْ

فاترة ٌ ألحاظُهُ طَالمَا … جرَّدَ من ذاكَ الفتورِ العُيونْ

منقادة ٌ للموتِ أَعْضاؤوهُ … يضعفُ أن يُسمَعَ فيه الأَنينْ

اسألهُ وهوَ على مَا بهِ … مقنع لِقولي ومجيبٌ مُبينْ

يذبلُ شيئاً بَعْدَ شيءٍ كما … يذبلُ بعد النظرة ِ الياسَمينْ

يا موتُ أخليتَ مكانَ الذي … لهُ مكانٌ من فؤادي مَكيِنْ

يا موتُ لو غَيْرُكَ أَودَى بهِ … ما كنتُ أستجدي ولا أستَكينْ

ما زالَ بِشرِي ليّناً بشرُهُ … متّبعاً حتّى أتاهُ اليَقِينْ

فالدّمعُ جارٍ والأَسى في الحَشَا … ثاوٍ وقلبي مستطارٌ حَزِينْ

عينٌ أصابَتْهُ فلا متعة ٌ … والعينُ لا تفضُلُ عنها العٌيوُنْ

فكيفَ حالي بعدَ منْ هذهِ … صِفَاتٌ منَ الخيرِ فيهِ تَكُونْ