أين تريد يا مثيرَ الظُّعنِ – مهيار الديلمي

أين تريد يا مثيرَ الظُّعنِ … أوطنٌ من رامة ٍبوطن

حبسا ولو زادك من مضمضة ٍ … بينَ الغرارِ خائفا والوسنِ

لعلَّها أن تشتفى بائحة ً … بالعبراتِ أعينٌ من أعينِ

كم كبدٍ كريمة ٍ في برة ٍ … خزمتها ومهجة ٍ في رسنِ

ومن دمٍ تخوضه بلا دمٍ … على ثنايا البين أيدي البدنِ

قد ضمنَ البارحُ عنهم فوفى … ما ساءني إذ مرَّ غيرَ أيمنِ

وما ظننتُ الطيرَ وهي بهمُ … على مواقيت الردى تدلُّني

ونفحة من الهوى تلفُّنا … يومَ الوداع غصنا بغصنِ

يا قاتلَ اللهُ العذيبَموقفا … على ثبوت قدمى أزلَّني

وسرَّ حيّا بالغضا إن سرَهم … ذلُّ وقوفي بعدهم في الدِّمنِ

فقيَّلوا ظلالَ كلّ روضة ٍ … وهجَّروا بي للجوى والحزنِ

وما عليهمولتذكارهمُ … عفوُ الصَّبا وصفوا ماء المُزنِ

لو أسأروا من جسدي بقيّة ً … بذكرِ آثارهمُ تنهضُني

لقد أساءوا الملك لما ملكوا … قلبي فهلاَّ أحسنوا في بدني

طاللتُ منرامة َ أشرافَاللوى … لنظرة ٍ لعلّها تصدقني

فما رفعتُوالمنى شعشعة … إلا على ليتى أولو أنني

يا زمنيبالخيف بل يا جيرتي … فيه وأين جيرتي وزمني

ليت الذي كان وطار شعثا … به الفراقُ بيننا لم يكن

أوليت ما باعد من أحبّتي … من الكرام إخوتي قرّبني

من حاملٌ عنِّي تمطَّتْ تحته … وافية ُ الذَّرع رحيبُ العطنِ

طاوية ٌ ما أبصرت وسمعتْ … فالأرضُ بين عينها والأذنِ

ترى المراحَ والنجاءَ ماسرت … شخصينِ بين عجبها والذَّقنِ

تعطى الطريقَ عفوها وجهدها … حتى تعود مضغة ً ولا تني

لا تتقى الأرض بساقٍ منتقى ً … ولا تشكَّى لذراعٍ يفنِ

بزلاءُ عامين فإن أثرتها … فثورة ُ الغرِّ وقمصاتُ الثَّنى

كأنما راكبها تهفو به … طائرة ً أمُّ فراخِ الوُكنِ

قل للعميدووصلتَ غانما … شكوى حنينٍ وحديثَ شجنِ

علَّ الذي استرهنتنى بحبّه … ثمّ نأى عنى أن يفكَّني

ملكتني بالودِّ فوهبتنى … للشوق ألا قبل أن تملكني

أعجبُ من لينى وأنتَ معرضٌ … عني ولو قلبك لي لم ألنِ

كم الجفاء لاأجازيكم به … والصدُّ والوجدُ بكم يعطفني

وكم تبيتون طروحَ الشكّ في … ودّكمُ ورجمِ سوءِ الظِّنن

دعوى هوى ً كأننا لم نفترق … وغفلة ٌ كأنما لم ترني

هبِ النوى مدَّت لنا أقرانها … فما لأيدينا وفتلِ القرنِ

وحكم الزمانُ بافتراقنا … فما لنا نعينُ صرفَ الزمنِ

أشكو إليك مهجة ً علوقة ً … تودَّ لو تودى ولمَّا تخنِ

وكبدا متى أسمها سلوة ً … عنك تنزَّ ناشزا وتزبنِ

وعادة من الوفاء خيرُها … لمخبري وشرُّها لبدني

تُعلِقني في حبلِ من أضاعني … علْقَتها في حبل من يحفظني

فكيف ترضى والعلا دينُك أن … أهواك في المجدِ ولا تسعدني

ذاك وقد قبلتَ من سريرتي … في الودِّ خيرَ ما ترى في العلنِ

وأنك استظهرتَ منّى بيدٍ … لم تؤتَ من ضعفٍ ولا من وهنِ

قلتُ لدهريوهو قد نيَّبَ لي … رُقى العميد دون أن تنهشني

أروع بعتُالناسَ والدنيا به … فما صفقتُ في يمين الغبنِ

وملتُ في الراجح من ميزانه … على الورى إذ قلتُ للفضلِزنِ

وكنتُ باللُّمعة ِ من تجريبهِ … على يقين المستمرِّ المدمنِ

فاجتمعتْ معي على توحيده … شتَّى القلوبِ وفروقُ الألسنِ

وإن جفا بوصله فقد وفى … بماله وفاءَ عدلٍ محسنِ

وقام والأيامُ ينتشلني … فكان لي حصداءَ أمَّ الجننِ

وطالعَ الخلَّة َ حتى سدَّها … وافٍ من الجود بما لم يضمنِ

محكِّمٌ في ماله أمرَ الندى … بما قضى من معوزٍ أو ممكنِ

مكارمٌ محسوبة ٌ أرقبها … وفاجئاتٌ بغتة ً تبدهني

لم يلتحمْ بعذرة ٍ معروفها … ولا أتت مكدودة ً بالمننِ

غريبة ٌ حازَ بها فرضَ الندى … سبقاً إلى أنفاله والسُّننِ

ولم يكن كمبرقينَ غرِّرتْ … منهمرجالٌ ببناتِ الدِّمنِ

أرسلته سجلا إلى غدرانهم … فأيبسوا وفاضَ حتى بلَّنى

تشبُّ نيرانهمُ لا للقِرى … بل شرَهاً إلى انتشاقِ الدَّخنِ

لا ينزلُ الضيفُ وإن تموَّلوا … بمتمرٍ منهم ولا بملبنِ

لهم من الأعراب كلُّ ما ادّعوا … غيرَ الوفاء والندى واللَّسنِ

لا شرفٌ في مضرٍ يجذبهم … إلى العلا ولا نهى ً في اليمنِ

لا رقة ُ البدوِ جنتْ إخلافهم … لمدحي ولا حلومُ المدُنِ

أهنتُ في أبياتهمُ كرائما … لو أُنكحتْ أكفاءها لم تهُنِ

تقلّدوا منها عقودَ حمدهم … وهيعلى أجيادهم تذمُّني

إذا استضيمتْ صاح بي ذليلُها … ألم تكن يا أبتي تعزّني

أذلتني في أنفس مغمورة ٍ … وأوجهٍ مسنٍ وأيدٍ خشُنِ

فمن لها منّى وإن عقَّت أباً … بناتهُ فالحقُّ أن تعقَّني

إلا فتاة ً بينهنَّ حظيتْ … عند العميدبالأريب الفطنِ

صرنا إلى ضنكٍ وصارت وحدها … إلى مراحٍ ما اشتهتْ وددنِ

وولدتْ من جوده أياديا … شرطَ المنى وقُرّة ً للأعينِ

في كلِّ يومٍ قادمٍ يصبحني … به بشيرُ الخير أو يغبقُني

ما ضرَّني منهم أصمُّ لحزٌ … وأنت من كسورهم تجبرني

كنتَ إليهم سلَّما فقعدوا … فهدموا المجد وقمتَ تبتني

فمن رأى قبلَ صداي شفة ً … جفَّ القليبُ فارتوت بالشَّطنِ

فغمرتنا ولأعراضهمُ … ماساءها في فالقٍ ومدجنٍ

كلُّ مشيهٍ للوجوهِ فاضح … للذكر في شراده والعطنِ

وعندك المرصوع من حليِّهِ … والمصطفى من سرّه المكتمنِ

والسارياتُ بعلاك ما انتهتْ … بوعُ المهارى وقلوعُ السفنِ

لا تأتلي تحفرُ عن كنزٍ لها … تنفقُ منه عاجلا وتقتني