أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا – حيدر بن سليمان الحلي

أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا … جئتَ بعداً ففقتَ من جاء قبلا

كلّما قد بلغتَ غاية َ فضلٍ … زدت جِدّاً فزادكَ الله فضلا

وإذا قيلَ بعضُ جدِّك هذا … لك كلُّ الفضل انتهى قلت كلاّ

لم تزل هكذا تجدُّ إلى أن … قيلَ مهلاً لك انتهى الفضلُ كلاّ

نلتَ أقصى العُلى وتبغي مَزيداً … عزَّ مَن هكذا براكَ وجلاّ

لو على قدرِكَ اتخذتَ خليلاً … لا اتخذتَ الهلالَ في الأُفق خِلاّ

أيَّما خصلة ٍ من المجد عنَّت … لم تفز منم قِداحها بالمُعلّى

قد بحثتَ العلومَ فنًّا ففنًّا … وبها قد أحطتَ عقلاً ونقلا

وشحنتَ الزمانَ هدياً ونشكا … وقضيتَ الحقوقَ فرضاً ونفلا

فإلى أين عنك يبغي انحِرافٌ … ضلَّ من لا يراكَ لله ظِلاّ

أيّها المقتفي الأئمة َ لا تُخطئ … قولاً لهم ولم تعدُ فِعلا

قل لمن يدَّعي النيابة َ عنهم … هكذا عنهم يُنابُ وإلاّ

أنتَ ياكعبة َ إليها الرجا حجَّ … ويا قبلة ً لها المدحُ صلّى

مَشعر الحق مستجارُ ذوي الحقِ … وَمن لم يقل بما قلتُ ضلاّ

فيك لو أُعطيت مُناها الثُريّا … لتمنَّت بأن تُرى لكَ نعلا

يا وقور النديَّ جئت بجيلٍ … خيرهم في ندِّيه طاش جهلا

ما عسى أن يقولَ فيكَ مريبٌ … صقلت عَرضَكَ المكارمُ صقلا

لك أفدي مُعذَّباً بمعاليك … إليها يمدُّ باعاً أشلاّ

يتعالى بجهله وهو يدري … أنَّ مِن مفرقيه كعبَك أعلى

لو رأى الليثُ كيف رشّحت أشبا … لكَ لارتاح أن يُرى لك شِبلا

غُرراً قد نجلتها ليس ترضى … معها البدرَ ينتمي لكَ نجلا

طبتَ نسلا وكنتَ أزكى المجـ … ـدِ وما كلُّ مَن زكى طابَ نَسلا

سُرجاً للعُلى وَلدتَ وكلٌّ … كم له من نهار فخرٍ تجلّى

لك خلقٌ لو ذاقه مُجتني النحلِ … دعى ما جنيتُ ما عشتُ نحلا

ذاك للذائقين حلوٌ وهذا … في فم الذوقِ منه أَحلا وأَحلا

خفَّة الروح لا كأَخلاق قومٍ … أبداً في الأرواح تُحدِثُ ثِقلا

هو روضُ النهى وقد جعلَ الله … له منكَ رائقُ البشرِ طَلاّ

قد لعمري حملتَ أعباءَ جودٍ … لو بها الدهرُ يستقلُّ لكلاَّ

ومن الرمل لو عطاؤُك يُعطى … نفذ الرملُ من يديه وملاّ

لقد اختطَّ داركَ المجدُ للحمد … وفيها الندى ترعرعَ طِفلا

منه جيد المحبِّ يلبسُ طوقاً … ويدُ الكاشحين تحملُ غِلاّ

دُم شكيمَ المصاقِع اللّد واسلم … شرقاً للخصيم تنطقُ فصلا

بلسانٍ يُريه نَضَنَضَة َ الصلِّ … فَيُغضي كِيلا يساورُ صِلاّ

أمطرتنا يداكَ طلاًّ ووبلاً … فوردنا نداكَ نهلاً وعلاّ

بهدايا يديكَ أُقسم لا أيدي … الهدايا يرمينَ نحو المصلّى

لجديراً أراكَ في أن أُهنّيك … بمن نُبتَ عنه قولاً وفعلا

ولأحلا الأيام يومُ يدُ الله … به سلَّت الحسامَ المُحلّى

يومُ بعثٍ لمن سيُبعثُ فيه … مالئُ المشرقينِ قسطاً وعدلا

ذاكَ من كان قُربُه قابَ قوسينِ … من الله إذ دَنى فتدلَّى

والبشيرُ الذي به قسمَ الله … على العالمين لُطفاً وفضلا

هو للخير كانَ أصلاً وفرعاً … وله الخيرُ كان فرعاً وأصلا

أيها المجزلُ الوهوبُ سماحاً … هاكَ نظماً كجود كفّيك جزلا

بل كعلياك خُذهُ مُمتنعاً صعبَ … منالٍ ومثلَ خُلقِك سهلا

زفَّ بكراً كفاك فيها هديًّا … لك تجلى وحسبُها بك بعلا