أيا سكرَ الزمانِ متى تفيقُ – مهيار الديلمي

أيا سكرَ الزمانِ متى تفيقُ … ويا سعة َ المطالبِ كمْ تضيقُ

يا نيلَ الحظوظِ أما إليها … بغيرِ مذلّة ٍ لفتى طريقُ

أكلُّ فضيلة ٍ كانتْ عليها … تعينَ هي الّتي عنها تعوقُ

قضى عكسُ الزمانِ الحقِّ ألاّ … يفوقُ بحالهِ منْ لا يموقُ

ولا يحمي رقيقَ العيشِ فيهِقضاءُ ظلَّ رشدُ الرأي فيه وكاذَبَ دونه الظنُّ الصدوقُ … سوى حر له وجه صفيق سقط بيت ص

وعتبٌ طالَ والأيّامُ صمٌّ … كما يشكو إلى الموجِ الغريقُ

تهشِّمهُ الخزائمُ وهو صعبٌ … وتخفضهُ الخصاصة ُ وهو نيقُ

ألا بابي يفارقني أبيٌّ … عظاتُ الدّهرِ فيهِ لا تحيقُ

ونفسٌ لمْ يبتْ حادي الأماني … يسوقُ رجاءها فيما يسوقُ

إذا روَّضتها حملَ الأيادي … فقدْ كلفتها ما لا تطيقُ

عصتْ حتّى مخادعة َ الغواني … وطاعاتُ الشّبابِ بها تليقُ

أحسّتْ في الهّوى هوناً فاضحتْ … تراعُ منَ الحسانِ بما يروقُ

وذي خضرٌ دقيقٌ لا جليلٌ … غذاهُ منَ الحمالِ ولا دقيقُ

هجرتُ وغيرَ أدمعيَ الجواري … عليهِ وغيرَ أضلعي الخفوقُ

سأسلكَ طرقها البيضاءَ فرداً … وأينَ إنْ ارتفعتْ بها الرفيقُ

لأحرزَ كابنُ أيّوبَ صديقاً … ألا طالتْ على الساري الطريقُ

تركتُ العالمينَ لهُ وإنّي … بتركهمُ لواحدهمْ خليقُ

خليلي منْ بني الوزراءِ خرقٌ … تصحُّ بفرعهمْ منهُ العروقُ

شهيدُ أنْ مجدهمُ مقامٌ … على أقدامِ غيرهمُ زليقُ

لأيوّبٍ مخايلُ فيهِ دلّتْ … كما دلّتْ على الغيثِ البروقُ

ومنهُ الفضلُ إسماعيلَ خالٌ … كما إكمالِ موقِ العينِ موقُ

مناسبُ ساقَ دوحتها طويلٌ … عريضٌ في مفاخرهمْ عميقُ

بأحسابٍ يزلُّ العارُ عنها … وأموالٍ مشتْ فيهِ الحقوقُ

ذوي لسنَ وأفواهٍ رطابٍ … إذا يبستْ منَ العيِّ الحلوقُ

أولئكَ ماهمُ وفضلة َ شيئاً … كانّكَ لاحقاً بهمُ سبوقُ

فداؤكَ مكمدٌ بكَ لا تداوى … بريقٍ بينَ جنبيهِ الفتوقُ

إذا رماكَ منْ حسدٍ فأقصى … مكايدِ سهمكَ فيهِ المروقُ

يريدُ علاكَ وهو بها غريبٌ … وأنتَ مدرّبٌ فيها لبيقُ

إذا جاراكَ بانَ لمنْ يدافُ ال … سوادُ منْ لجهتهِ الخلوقُ

رآكَ وأنتَ حسرتهُ بعينٍ … كعينِ الطّرفِ ماطلها العليقُ

بقيتْ لكبتهِ ولنا سروراً … فكمْ حسنٍ يغيظُ كما يشوقُ

يعودُ العيدُ داركَ ألفُ شمسٍ … عليكَ غروبها وبكَ الشروقُ

اذا هرمَ الزمانُ أتاكَ وهو ال … مهفهفِ في غضارتهِ الرشيقُ

حديثُ العزِّ ما وافى حديثٌ … وحجَّ لمثلهِ البيتُ العتيقُ

عدلتُ بكَ النوائبَ فاضمحلّتْ … وهلْ يبقى على السيلِ الحريقُ

وسدَّ بفضلِ همتّكَ اختلالي … وقدْ جلّتْ عنْ النصحِ الخروقُ

فككتَ توحشي وأسرتَ ودّي … فهأنا ناشطٌ بكَ بلْ ربيقُ

جعلتَ الدّهرَ يملكُ لي جواباً … إذا ناديتهُ أينَ الصديقُ

ليسقِ مكارماً لكَ واصلتني … سكوبٌ منْ حيا شكري دفوقُ

تناقلهُ الرواة ُ فكلَّ بيتٍ … لهُ رهجٌ كما هدرَ الفنيقُ

تسهّلَ في فمي الصعبانَ منهُال … كلامُ الحلوُ والمعنى الدقيقُ

سبى الابصارَ والاسماعَ حتّى … لطالَ بهِ اللّسانُ المستذيقُ

ولو قدْ لاكهُ غيري لأعيا … عليهِ فماتَ وهو بهِ شريقُ

يبثُّ علاكَ في النعمِ اللّواتي … نسيمُ المكرماتِ بهِ عبيقُ

فلو كتمتْ أبتْ إلاّ انتشاراً … كما يتضوَّعُ المسكُ الفتيقُ

وقاؤكَ مهجة ٌ قسمتْ ثلاثاً … فريقاها إليكَ ولي فريقُ

وثقتُ بحسنِ ظنِّ فيكَ ألاّ … يقومَ لغيرِ ودّي فيهِ سوقُ

وخفتُ عليكَ عينَ الدّهرِ غضّتْ … فأزرقها بأغراضي علوقُ

فما أرجو فمنْ أنّي مدلٌّ … وما أخشى فمنْ أنّي شفيقُ