أهلا بمن قهر الملوك ومرحبا – ابن دارج القسطلي

أهلا بمن قهر الملوك ومرحبا … وأعز من حلت لرؤيته الحبى

وبحاجب الشمس الذي حجب الأسى … عنا وحاش لجوده أن تحجبا

والمستطار لسيفه فرق العدى … فرقا فكان هو السنا وهم الهبا

ملك نماه الملك يتبع تبعا … فيه ويعرب عن مآثر يعربا

قاد الجنود مكاثرا برماحها … شهب الدجى وبأسدها عدد الدبا

وسما فعادى بين آفاق العدى … خسف الدبور وكر يعتام الصبا

بكتائب تركت سنا شمس الضحى … طرفا سجا للنوم أو برقا خبا

تبني على الآفاق من جعد الثرى … فلكا بزرق السمهري مكوكبا

همة أورت زناد وقائع … غادرن رأس الدهر أشعث أشيبا

حتى تجلى في عجابة أوبة … آبت إلى الدنيا بأيام الصبا

من بعد ما وصل الأصائل بالضحى … تحت العوالي مسئدا ومؤدبا

متى توهمه الدجى بدر الدجي … يسري أو ابنا للكواكب أو أبا

به ناسبتها متعاليا … ومحلقا ومشرقا ومغربا

عزائم كلفتها أعلى العلا … فتسابقت شأوا إليه مغربا

مستحييات أن يعرج لحظها … لقبول ما أدنى الزمان وقرباب

لا يركب الملك الذلول ركابه … حتى يذل له الزمان المصعبا

حتى ينال العز أعلى مرتقى … ويفوز بالآمال أبعد مطلبا

جاوزن بالخيل المدى بعد المدى … وأطلن إظماء الأسنة والظبى

ما أوردتها من عداتك منهلا … إلا ابتدرن أمام ذلك مشربا

يطلبن في الأفلاك شاهقة العلا … ويدعن للأوعال شامخة الربى

متكرمات أن يناطح كبكبا … من كان في فلك المعالي كوكبا

هل من يساميه وأقرب ما يرى … منا إذا كان الغمام الصيبا

عدنا به من لا تعود مرقبا … منه فأصبح في ذراه مرقبا

فمن يوم عيد إلى يوم فتح … ومن يوم فتح إلى يوم عيد

وجود تفجر من نار بأس … وبأس تسعر من بحر جود

غلول يعيد شباب الكبير … وهول يشيب رأس الوليدأ

وسعي يزيد مدى كل يوم … إذا لم يكن في مدى من مزيد

فلو علم البدر عم السماء … أو البحر جلل وجه الصعيد

فكم صبحتك بفتح قريب … سرى ليلة ذات صبح بعيد

وكم حملت منك بيداء قفر … إلى الكفر من يوم حين مبيد

بكل كمي لأم نزور … ومن راحتيك لأم ولود

يجيب إليك صريخ المنادي … بأنزع من قلب صب عميد

وبقي وجوه الأهاويل عنك … لقاء هوى ما له من صدود

إذا قتل الحزم والسهل وافى … نفوس العدى من يدي مستقيد

وكل جواد نمته يداك … فأعرق في سرو بأس وجود

رعى بك كل حمى لم يرعه … صريخ المنادي بهاد وهيد

تضمنه خافقات البروق … تلألأ في مصعقات الرعود

وأوردتها كل ماء حماه … بريق السيوف وزأر الأسود

سريت فألحقت ليلا بليل … وسرت فوصلت بيدا ببيدا

كما قد وصلت حبال الغريب … وقربت مأوى القصي البعيد

ونادى نداك على الأرض حي … على مستقر الشريد الطريد

وجيش عقدت له في الجهاد … لواء سما بوفاء العقود

فزاد الضحى من سنا الشمس نورا … وليل السرى في نجوم السعود

وأصبحت أعلى جبال الأعادي … تزلزلها بجبال الحديد

فرعت الصياصي بشعث النواصي … وأبناء قوط بأبناء هود

بكل نجيب نمى في تجيب … بمجد الجدود وسعد الجدود

له في المدى كل بحر طموح … وفوق العلا كل قصر مشيد

مناقبهم لصدور الدهور … عقود نظمن نظام الغريد

وملكك سلك لذاك النظام … وأنت وسيط لتلك العقود

فأسربت بينهم يا بن يحيى … كبدر سرى بين زهر البعود

برجوما رميت بها في الضلال … على كل شيطان كفر

تذكرهم بذبال الرماح … صلاءهم النار ذات الوقود

وترهقهم كل طود يفاع … يمثلهم رهقا في صعود

وما فات صرف الردى من عليه … لنصرك عين رقيب عتيد

ولو كان وعدا لأنجزت لكن … خلقت خليقا بخلف الوعيد

ولو شمت سيفك في صدر كسرى … وقيصر بين الطلى والوريد

لما نلت حقك سعيا وهديا … ولا بعض ثار أبيك الشهيد

وفي الله أكفأت كأس المنام … وسمت جفونك فقد الهجود