أهفو لعلويَّ الرياح إذا جرتْ – مهيار الديلمي

أهفو لعلويَّ الرياح إذا جرتْ … و أظنُّ رامة َ كلَّ دارٍ أقفرتْ

و يشوقني روضُ الحمى متنفسا … يصفُ الترائبَ والبروقَ إذا جرتْ

متعللاتٍ بعدَ طارفة ِ النوى َ … أو أبرأت داءَ الجوى أو عللتْ

يا دينَ قلبٍ من ليالي حاجرٍ … مكرتْ به فقضتْ عليهِ وانقضتْ

و مضاجعٍ بالعنفِ بات يعدها … غنما وأصبح وده لو لم يبتْ

و مليحة ٍ لو أنصفتْ عينُ المها … في الحسن ما ثنتِ الصليفَ ولا رنتْ

بيضاءَ من كللِ الخدور وربما … ذكرتِ بداوة ُ قومها فتسهمتْ

أخذتْ وأعطتْ من ضياء الشمس ما اح … تكمت فجمعتِ الجمالَ ووفرتْ

و كأنما وليتْ خطائطَ وجهها … يدها فجاءتْ في الكمدِ كما اشتهتْ

ملكت على باناتِ جوًّ أمرها … فلها الإمارة ُ ما استقامتْ وانثنتْ

فإذا أرادتْ بالقضيبِ مساءة ً … و تنقمتْ جرما عليه تأودتْ

سنحتْ لنا دون الغدير فما سقى َ … صفوُ الغدير وعذبهُ منْ أعطشتْ

و رمتْ فلولا أنها ثعلية ٌ … قلنا رأت ثعلاً رمى فتعلمتْ

غدرتْ فلولا أنها نذرتْ دمي … لم تعرفِ النذر الذي فيه وفتْ

و على النقا والعيسُ تحفرُ في النقا … أخفافها من ثقلِ ما قد حملتْ

حلفتْ على قتلي فلما أن رأت … بذمايَ باقية َ الرماقِ تأولتْ

أبشر فانك في الحياة ِ مخلدٌ … يا من رأى يومَ القليبِ ولم يمتْ

و تشرفت لتشبَّ جمرة َ صدرهِ … بنتُ الأراكِ وهل تشبُّ وما انطفتْ

ورقاء ذكرها الحداة ُ هوى لها … طارت ألائفها به فتذكرتْ

هتفتْ على خضراءَ كيف ترنمتْ … من فوقها مالت بها فترنحتْ

لو كان ينجو من علاقاتِ الهوى … شيءٌ لضعفٍ أو لمرحمة ٍ نجتْ

و لقد طربتُ كما حزنتُ لصوتها … فشككتُ هل غنت بشجوٍ أو بكتْ

قف يا أخا الملهوف وقفة َ مرسلٍ … حمل الأمانة َ هضبة ً أو أديتْ

و اجهر بصوتك التي لو خاطبتْ … في السرّ أو عالَ القنانِ لأسمعتْ

و قل التحية َ والسلامَ وحاجة ً … من بعدِ أن خابت وإن هي أنجحتْ

يا أختَ سعدٍ فيم بات معذبا … قلبي عليك كأنما عيني جنتْ

ردى الفؤادَ عليَّ فهو وديعة ٌ … مضمونة ٌ مغرومة ٌ إن ضيعتْ

إن كان ظنكِ بالخيانة ِ والقلي … أن يشمتَ اللاحي عليك فقد شمتْ

و عمية ِ الأوضاحِ خرساءِ الصدى … عشيتْ على ضوءِ الصباحِ وأظلمتْ

مردتْ على عين الدليلِ ورأيهِ … فتخالهُ فيها أضلَّ بما خرتْ

تتغايرُ البوغاءُ شميمهِ … فيها وينكرُ صوتهُ والملتفتْ

مركوبة ٍ جوبُ المهاري جوها … غررُ المقامرِ فيه أخستْ أو زكتْ

و إذا الركابُ استيأستْ في جهلها … كيف النجاءُ توكلتْ واستسلمتْ

داوستها أبغى العلاءَ بهمة ٍ … لو شاورت أمَّ الشقيق لما سمتْ

تفلى على الكرماء تنفضُ منهمُ … طرقَ المطالبِ أسهلتْ أو أحزنتْ

و وراءها لولا المطامعُ منهمُ … قرباءُ لو قنعتْ بهم ما أبعدتْ

نبهْ بني عبد الرحيم ولا تبلْ … معهم عيونَ الدهر كيف استيقظتْ

و استفتهم في المجدِ تسألْ أنفسا … لقنتْ على جهل الورى وتفهمتْ

خبثَ الترابُ وما عليه وماؤها … شرفٌ فطابت وحدها وتطهرتْ

فكأن زاكي عرقها لم يسقَ من … ماءِ الزمانِ وفي ثراه ما نبتْ

قومٌ إذا حدرَ التناكرُ لثمهمْ … و جلا الصفاحُ أكفهم فتحسرتْ

كفرتْ وجوههم البدورَ وآمنتْ … لأكفهم أيدي السحابِ فكفرتْ

شفعوا العلاء تليده بطريفه … فتقدمت علياؤهم وتأخرتْ

ولدتهم الأرضُ التي قد أجمعتْ … في الأكثرين فأكيستْ وتنجبتْ

جاءت بهم وهي الولودُ كأنهم … غرباءُ جاءوا في العقامِ أو القلتْ

متواردين على العلاء كأنهم … ضربوا له ميقاتَ يومٍ لم يفتْ

راضوا الأمورَ فتيهم كمسنهم … سومَ الكعوبِ تلاحقتْ فتنظمتْ

شرعوا إلى ثغرِ الخطوب ذوابلا … لولا صنيعة ُ نفسها ما فضلتْ

جوفاً ترى الصمَّ الصعابَ وراءها … في الحرب تقفو ما حذتْ أو مثلتْ

كتبوا على شهب الطروس لنا كما … طعنوا على الخيل الورادِ أو الكمتْ

و الجالسُ القوالُ منهم آخذٌ … منها بأنفاس الشجاع المنصلتْ

خذ من حديثهمُ حديثَ قديمهم … و اعجب لأطراف العلا كيف التقتْ

و اسأل زعيم الدين عما خلفه … من مجدهم فهو الشهادة والثبتْ

قمرٌ هو المرآة عن أحسابهم … مهما رأت مما يقابلها حكتْ

أدى فروضهمُ وسنَّ نوافلا … في المجد تممت الفروضَ وكملتْ

فضحَ السوابقَ مالكٌ أشواطه … جاري الرياحَ فحلَّ عنه وقيدتْ

و تقرطت أيامه بيتيمة ٍ … منه صفتْ للناظرين وأشرقتْ

لم يدرِ جهدُ الغائصين وكيدهم … من أيّ أصداف البحار استخرجتْ

قد جولوا فيها الظنونَ وأكثروا … بالخوض لما استغربتْ واستعظمتْ

قالوا من البحر المحيطِ تصعدتْ … لا بل من الفلكِ المحيطِ تنزلتْ

بيضاء ملء يد المنى ملمومة … ملكَ المنى وحوى الغنى من أعطيتْ

يا جامعَ الحسناتِ بعد شذوذها … مزقاً وموجدها أوانَ تعذرتْ

و مقطر الأقران عن صهواتِ ما … ربطتْ من الرأي الأصيل وضمرتْ

كم واثقٍ منهم بعصمة ِ رأيه … و حسابهِ من هفوة ٍ أو من غلتْ

ضايقته حتى أقرَّ بعجزه … لما وضعتَ لد يدك على النكتْ

و منطقٍ ظنَّ البلاغة َ آية ً … نصبتْ له علما وشخصا صورتْ

قال الكثيرَ موسعا لهواتهِ … عجبا فلما قلتَ واحدة ً سكتْ

حسب الفصاحة َ في التشادقِ وحده … ما كلُّ ما وصف الأسودُ به الهرتْ

و أرى الوزارة َ مذ حملتَ لواءها … نصرت على فشل الولاة وظفرتْ

ساندت فيها ما عليك صلاحهُ … و فسادهُ إن أصلحتْ أو أفسدتْ

ثنى أخوك أخاك فيها مسهما … و بعثتَ ثالثها الذي بك عززتْ

أنتم فوارسها المذاود دونها … إن حوربت وملوكها إن سولمتْ

و ظهوركم لصدورها مخلوقة ٌ … مظلومة ٌ إن ضويقت أو زوحمتْ

نصبتْ لكم وتمهدتْ فمتى طرا … من غيركم طارٍ نبتْ واستوحشتْ

هي ملككم فمتى استعيرت منكمُ … لتجملٍ وأردتموها استرجعتْ

أبناء نسبتها وأبعلُ عذرها … و إذا عدتكم أعزبت وتأيمتْ

تفدى أبا الحسنِ الترابَ وطئته … قممٌ هوت من تحتِ رجلك إذ علت

و محدثٍ بك في الوساوس نفسه … نفسٌ لعمرك ضلة ٌ ما سولتْ

لو ثاقلوك به وألقي يذبلٌ … معه لكانت قسمة ً ما عدلتْ

أغنيتني بك عن سواك فلم أبلْ … فتحت أناملُ معشرٍ أو أقفلتْ

و سقيتُ أعذبَ شربتيك فما أرى … بأسا ببارقة ٍ همتْ أو أخلبتْ

و صفوتَ لي بالودّ والصهباءُ لم … تشبِ العقولَ بطعمها حتى صفتْ

أنكرتُ ودَّ أخي وعهدَ أحبتي … و كريمُ عهدك طينة ٌ ما أخلقتْ

فمتى طلبتُ من الزمان سواك أو … شرواك فاشهدْ أنَّ ذاك من العنتْ

و لترضينك ما سمعتَ نواهضٌ … بالشكر لم تخفِ اللغوبَ ولا ونتْ

يقضين ما أسلفن من ايدي غنى ً … وسعتْ حقوقَ المقرضين وأفضلتْ

يغنى بها العرض الفقيرُ وإن رأت … عرضا غنيا زيدته وأثلتْ

ريحانة ما استشفت أرواحها … و سلافة تصحى إذا ما أسكرتْ

تقضي على الألباب أين خلاصها … من شوبها ما استحظيت أو ألغيتْ

ضجتْ منابرها بدعوتها لكم … فلو ادعت بكم النبوة َ صدقتْ

إن صاحبتْ يوما اليكم عاطلا … حلته أو تفلَ النواحي عطرتْ

و المهرجان وكلّ يومٍ عاكم … في لطفه مما كستْ أو زخرفتْ

فتملها وتمله متلوة ً … و مقابلاً ما كرّ أو ما أنشدتْ

حتى ترى الأجداثَ تنفضُ أهلها … و الشمسَ في خضرائها قد كورتْ