أنورك أم أوقدت بالليل نارك – ابن دارج القسطلي

أنورك أم أوقدت بالليل نارك … لباغ قراك أو لباغ جوارك

ورباك أم عرف المجامر أشعلت … بعود الكباء والألوة نارك

ومبسمك الوضاح أم ضوء بارق … حداه دعائي أن يجود ديارك

وخلخالك استنضيت أم قمر بدا … وشمس تبدت أم ألحت سوارك

وطرة صبح أم جبينك سافرا … أعرت الصباح نوره أم أعارك

وأنت أجرت الليل إذا هزم الضحى … كتائبه والصبح لما استجارك

فللصبح فيما بين قرطيك مطلع … وقد سكن الليل البهيم خمارك

أفيا لنهار لا يغيض ظلامه … ويا لظلام لا يغيض نهارك

ونجم الثريا أم لآل تقسمت … يمينك إذ ضمختها أم يسارك

لسلطان حسن في بديع محاسن … يصيد القلوب النافرات نفارك

وجند غرام في دروع صبابة … تقلدن أقدار الهوى واقتدراك

هو الملك لا بلقيس أدرك شأوها … مداك ولا الزباء شقت غبارك

وقادمة الجوزاء راعيت موهنا … بحر هواك أم ترسمت دارك

وطيفك أسرى فاستثار تشوقي … إلى العهد أم شوقي إليك استثارك

ومرتد أنفاسي إليك استطارني … أم الروح لما رد في استطارك

بكم جزت من بحر إلي ومهمه … يكاد ينسي المستهام ادكارك

ذو الحظ من علم الكتاب حداك لي … أم الفلك الدوار نحوي أدارك

وكيف كتمت الليل وجهك مظلما … أشعرك أغشيت السنا أم شعارك

وكيف اعتسفت البيد لا في ظعائن … ولا شجر الخطي حف شجارك

ولا أذن الحي الجميع برحلة … أراح لها راعي المخاض عشارك

ولا أرزمت خوص المهاري مجيبة … صهيل جياد يكتنفن قطارك

ولا أذكت الركبان عنك عيونها … حذار عيون لا ينمن حذارك

وكيف رضيت الليل ملبس طارق … وما ذر قرن الشمس إلا استنارك

وكم دون رحلي من قصور مشيدة … تحرم من قرب المزار مزارك

وقد زأرت حولي أسود تهامست … لها الأسد أن كفي عن السمع زارك

وأرضي سيول من خيول مظفر … وليلي نجوم من سماء مبارك

بحيث وجدت الأمن يهتف بالمنى … هلمي إلى عينين جادا سرارك

هلمي إلى بحرين قد مرج الندى … عبابيهما لا يسأمان انتظارك

هلمي إلى سيفين والحد واحد … يجيران من صرف الحوادث جارك

هلمي إلى طرفي رهان تقدما … إلى الأمد الجالي عليك اختيارك

وحيي على دوحين جاد نداهما … ظلالك واستدنى إلي ثمارك

وبشرك قد فازت قداحك بالمنى … وأعطيت من هذا الأنام خيارك

شريكان في صدق المنى وكلاهما … إذا بارز الأقران غير مشاركب

هما سمعا دعواك يا دعوة الهدى … وقد أوثق الدهر الخئون إسارك

وسلا سيوفا لم تزل تلتظي أسى … بثأرك حتى أدركا لك ثارك

ويهنيك يا دار الخلافة منهما … هلالان لاحا يرفعان منارك

كلا القمرين بين عينيه غرة … أنارت كسوفيك وجلت سرارك

فقاد إليك الخيل شعثا شوازبا … يلبين بالنصر العزيز انتصارك

سوابق هيجاء كأن صهيلها … يجاوب تحت الخافقات شعارك

بكل سري العتق سرى عن الهدى … وكل حمي الأنف أحمى ذمارك

تحلوا من المنصور نصرا وعزة … فأبلوك في يوم البلاء اخيتارك

إذا انتسبوا يوم الطعان لعامر … فعمرك يا هام العدى لا عمارك

يقودهم منهم سراجا كتائب … يقولان للدنيا أجدي افتخارك

إذا افترت الرايات عن غرتيهما … فيا للعدى أضللت منهم فرارك

وإن أشرق النادي بنور سناهما … فبشرى الأماني عينك لاضمارك

وكم كشفا من كربة بعد كربة … تقول لها النيران كفى أوارك

وكم لبيا من دعوة وتداركا … شفى رمق ما كان المتدارك

ويا نفس غاو كم أقرا نفارك … ويا رجل هاو كم أقالا عثارك

ولست ببدع حين قلت لهمتي … أقلي لإعتاب الزمان انتظارك

فلله صدق العزم أية غرة … إذا لم تطيعي في لعل اغترارك

فإن غالت البيد اصطبارك والسرى … فما غال ضيم الكاشحين اصطبارك

ويا خلة التسويف قومي فأغدفي … قناعك من دوني وشدى إزارك

وحسبك بي يا خلة النأي خاطري … بنفسي إلى الحظ النفيس حطارك

فقد آن إعطاء النوى صفقة الهوى … وقولك للأيام حوري محارك

وياستر البيض النواعم أعلني … إلى اليعملات والرحال سرارك

نواجي واستودعتهن نواجيا … حفاظك يا هذي بذي وازدهارك

ودونك أفلاذ الفؤاد فشمري … ودونك يا عين اللبيب اعتبارك

صرفت الكرى عنها بمغتبق السرى … وقلت أديري والنجوم عقاركأ

فإن وجبت للمغربين جنوبها … فداوي برقراق السراب خمارك

وأوري بزندي سدفة ودجنة … إذا كانتا لي مرخك وعفارك

وإن خلع الليل الأصائل فاخلعي … إلى الملكين الأكرمين عذارك

بلنسية مثوى الأماني فاطلبي … كنوزك في أقطارها وادخارك

سينبيك زجري عن بلاء نسيته … إذا أصبحت تلك القصور قصارك

وأظفر سعي بالرضامن مظفر … وبورك لي في حسن رأي مبارك

فظمء المنى قد شاء بارقة الحيا … وأنشقت يا ظئر الرجاء حوارك

وحمدا يميني قد تملأت بالمنى … وشكرا يساري قد حويت يسارك

وقل لسماء المزن إن شئت أقلعي … ويا أرضنا إن شئت غيضي بحارك

ولا توحشي يا دولة العز والندى … مساءك من نوريهما وابتكارك