أنضيت خيلي في الهوى وركابي – ابن دارج القسطلي
أنضيت خيلي في الهوى وركابي … وعمرت كأس صبا بكأس نصاب
وعنيت مغرى بالغواني والصبا … واللهو واللذات قد تغرى بي
في غمرة لا تنقضي نشواتها … من صرف كأس أو جفون كعاب
أيام لا نرتاع من صرف النوى … أمنا ولا نصغي لنعب غراب
أيام وجه الدهر نحوي مشرق … ومحاسن الدنيا بغير نقاب
ولقد أضاء الشيب لي سنن الهدى … فثنى سني ددني على الأعقاب
ورأيت أردية النهى منشورة … تسعى بجدتها إلى أترابي
ورأيت دار اللهو أقوى ربعها … وخلت معاهدها من الأحباب
وخلت بي النكبات ترمي ناظري … وخواطري بنوافذ النشاب
ولكم أصابتني الخطوب بشكة … تعيي التجلد واحتسبت مصابي
حفظا لعلم حاز صدري حفظه … ألا أخيس بحرمة الآداب
حتى تركت الدهر وهو لما به … صبرا وغادرني السقام لما بي
وصرفت عن صرف الزمان ملامتي … وكففت عن سعي الحسود عتابي
علما بأن الحرص ليس بزائد … حظا وأن الدهر غير محاب
همم الفتى نكب تبرح بالمنى … أبدا إذا عم القضاء الآبي
فقطعت يا منصور نحوك نازعا … خدع المنى وعلائق الأسباب
فرضاك تأميلي وقربك همتي … ونداك محيائي وحمدك دابي
وقد احتللت لديك أمنع معقل … وحططت رحلي في أعز جناب
في ذمة الملك الذي آمالنا … من راحتيه تحت صوب سحاب
قمر توسط من مناسب يعرب … قمم السناء وذروة الأنساب
صدقت به في الله عزمة مخلص … تركت ذماء الشرك رهن ذهاب
بكتائب عزت بها سبل الهدى … ومحت رسوم الكفر محو كتاب
غادرن أرضهم كأن فضاءها … أغوال قفر أو سهوب يباب
تحتث سالكها بغير هداية … وتجيب سائلها بغير جواب
يأيها الملك الذي عزماته … في الدين أعظم أنعم الوهاب
وصل الإله لديك عمرا يقتضي … أمد السنين ومدة الأحقاب
ولك السرور مضاعفا أيامه … ولك النعيم مجدد الأثواب
وليهنك الأضحى الذي أضحى به … صنع الإله مفتح الأبواب
واسلم لسبطيك اللذين تملكا … رق السناء تملك الأرباب
السابقين إلى مقامات العلا … ذا في الحروب وذاك في المحراب
الحاجب الأعلى الذي زهيت به … رتب العلا ومفاخر الأحساب
فلكم تدانى في مكر للوغى … كالشمس في كسف العجاج الهابي
رأي عيني منه يوم قلنية … منه شهاب خاطف شهاب
سيف الإله وحزبه المفني به … شيع الظلال وفرقة الأحزاب