أنذرتني أمُّ سعدٍ أنَّ سعدا – مهيار الديلمي

أنذرتني أمُّ سعدٍ أنَّ سعدا … دونها ينهدُ لي بالشرَّ نهدا

غيرة ً أن تسمعَ الشربَ تغنى َّ … باسمها في الشعر والأظعانَ تحدى

قلت يا للحبَّ من ظبيٍ رخيم … صدته فاهتجتُ ذؤبانا وأسدا

ما على قومكِ أن صار لهم … أحدُ الأحرار من أجلكِ عبدا .

و على ذي نظرة ٍ غائرة ٍ … بعثتْ سقما إلى القلب تعدى .

قتلتْ حين أصابت خطأً … و قصاصُ القتلِ للقاتلِ عمدا

أتراني طائعاً أضرمتها … حرقاً تأكلُ كلُ أضلاعي ووجدا .

سببتْ لي فيك أضغانَ العدا … نظرة ٌ أرسلتها تطلبُ ودا

و على ما صفحوا أو نقموا … ما أرى لي منك يا ظبية ُ بدا

أجتلي البدرَ فلا أنساكِ وجها … و أرى الغصنَ فلا أسلاكِ قدا

فإذا هبتْ صبا أرضكمُ … حملتْ تربَ العضا باناو رندا

لامَ في نجدٍ وما استنصحتهُ … بابليٌّ لا أراه الله نجدا .

لو تصدى رشأُ السفحِ له … لم يلمُ فيه ولو جارَ وصدا

يصلُ الحولُ على العهد وما … أنكرَ التذكارُ من قلبيَ عهدا

أفيروى عندكم ذو غلة ٍ … عدمَ الظلمَ فما يشربُ بردا

ردَّ لي يوما على كاظمة ٍ … إن قضى الله لأمرٍ فات ردا

و حماني من زمانٍ خابطٍ … أبدا في عطني شلاًّ وطردا

كلما أبصر لي تامكة ً … كدها أو ردها عظما وجلدا

يصطفى الأكرمَ فالأكرمَ من … نخبي أنفسَ ما كنتُ معدا

كلما شدتْ بظهري هجمة ٌ … ركب الشر لها ركضا وشدا

واقعا في كلّ من كثرني … بيدٍ خرقاءَ أو أصبحتُ فردا

أكلة َ الصعلوكِ لا أسندُ ظهرا … في الملماتِ ولا أشدُّ عضدا

غاب أنصاري فمن شاء اتقاني … حذر الإثمِ ومن شاء تعدى

شقيتْ من بعدهم نفسي وهم … أيّ برجٍ نزلوه كان سعدا

قل لأملاكٍ نأى عنيّ بهم … ناقلُ الأقمار قربا ثمَّ بعدا

يا سيوفي يوم لا أملك عزا … و عيوني يوم لا أورد عدا

و شبابي إن دنوتم كان غضا … و إذا رحتم مع البين استردا

عجبا لي كيف أبقى بعدكم … غير أن قد خلقَ الإنسان جلدا .

غلبَ الشوقُ فما أحملُ صبرا … و جفا الناسُ فما أسألُ رفدا

أنا من أغراسكم فانتصروا لي … قبل أن تهشمني الأيام حصدا

يا رسولي ومتى تبلغْ فقلْ … خيرَ ما حمل مأمونٌ فأدى

يا كمالَ الملكِ يا أكرمَ من … يممته ظعنُ الآمالِ تحدى

يا شهابا كلما قال العدا … كاد يخبو زاده الرحمنُ وقدا

يا حساما كلما ثلمه الض … ربُ راق العينَ إرهافا وحدا

ما براك اللهُ إلا آية ً … فتن الناسَ بها غياً ورشدا

و ثباتُ الليثِ إن أنكر في … شدة ٍ كان مع الأخرى أشدا

كلما عاند فيها حاسدٌ … ظهرتْ باهرة ً من يتحدى

و لكمْ أنشرتَ إعجازا بها … من فعالٍ طويتْ لحدا فلحدا

و بخيلٍ خاملٍ أعديته … كرما نال به الحمدَ ومجدا

و زليقٍ منتهى شاهقة ٍ … حيثُ لا يصعدَ إلا من تردى

طأمنَ الجوُّ لها وانحدرت … قلل الأجبال حتى كنّ وهدا

حرصَ الكوكبُ أن يطلعها … فهوى عنها وما سدّ مسداً

و إذا الكيدُ مشى يسمتها … طامعاً عاد وقد خاب وأكدى

خفَّ من خطوك فيها ناهضٌ … لم يسرْ في التيه إلا سار قصدا

يأخذ المجلسَ من ذروتها … مالكا تدبيرها حلاًّ وعقدا

طرتَ فيها والعدا واقعة ٌ … تأكل الأيدي لها غيظا وحقدا

يلعنُ الناسُ على عجزهمُ … و تحيا بالمساعي وتفدى

فرعت للمجد منكم دوحة ٌ … كنتَ من أنضرها عودا وأندى

تربة ٌ بورك في صلصالها … أنجبتكم والدا طاب وولدا

طينة ٌ أعجبْ بها مجبولة ٌ … أخرجتْ سلمى وثهلانَ وأحدا

يا عيونَ الدهرِ لا زالتْ بكم … قذياتٍ أعينُ الحساد رمدا

و تقاضى الملكُ عنكم بسيوفٍ … منذ سلتْ لم تكن تشتاقُ غمدا

كلما سوندِ منكم بأخيهِ … صارمٌ يممَ أمضى وأحدا

و بقيتم لبقايا كرمٍ … بكمُ يلحمُ في الناس ويسدى

لم تكن لولاكمُ أرماقها … أثرا يخفى ولا عينا تبدى

يا نجومي لا يرعني منكمُ … غائرٌ باخَ ولا حيدانُ ندا

نوروا لي واسرجوا في طرقي … أقطعِ الأرضَ بكم جمزاً ووخدوا

أجمع الحصباء في مدحكمُ … بلساني وأعدُّ الرمل عدا

و كما أرغمتُ من قبلُ بكم … آنفاً آبية ً أجدعُ بعدا

أبدا أنصبُ نفسي دونكم … علما فردا وخصاما ألدا

غير أني منك يا بحرَ الندى … أشتكي حظي فقد خاب وأكدى

عادة ٌ تمنعُ أو تقطع بتا … و حقوقٌ وجبتْ تهملُ جدا

و وعودٌ يجمح المطلُ بها … أن يرى ميقاتها عندك حدا

بعد أن قد كنتَ أحفاهم وفاءً … لي وأوفاهم لما أسلفتَ عهدا

حاش للسحبِ التي عودتها … منك أن يروى بها الناسُ وأصدى

نفثة ٌ من مذكرٍ لم يألُ في الص … بر للحاجة ِ والأوطارِ جهدا

بعث النيروزُ يستعجلكم … سائلا في الوعد أن يجعلَ نقدا

و هوَ اليومُ الذي من بعده … سوف تفنون مدى الأيام مدا

فاقبلوه شافعا وارضوا به … زائرا عنيَ بالشعرِ ووفدا

أنتمُ أكرمُ من يهدى له … و القوافي خيرُ ما يحبى ويهدى