أناعي قتلى الطف لازلت ناعياً – حيدر بن سليمان الحلي
أناعي قتلى الطف لازلت ناعياً … تهيج على طول الليالي البواكيا
اعد ذكرهم في كربلا إن ذكرهم … طوى جزعاً طيَّ السجلِ فؤاديا
ودع مقلتي تحمر بعد ابيضاضها … بعدِّ رزايا تتركُ الدمعَ داميا
ستنسى الكرى عين كأن جفونها … حلفن بمن تنعاهُ أن لا تلاقيا
وتعطى الدموعَ المستهلاتِ حقَّها … محاجرُ تبكي بالغوادي غواديا
وأعضاءُ مجدٍ ما توزّعت الضُّبا … بتوزيعها غلا الندى والمعاليا
لئن فرقتهاىل حرب فلم تكن … لتجمع حتى الحشر إلا المخازيا
ومما يزيل القلب عن مستقره … ويترك زندَ الغيظِ في الصدر واريا
وقوفُ بنات الوحي عند طليقِها … بحال بها يشجين حتى الأعاديا
لقد ألزمت كف البتول فؤادها … خطوبٌ يطيح القلب منهنَّ واهيا
وغودر منها ذلك الضلعُ لوعة ً … على الجمر من هذي الرزيّة حانيا
أبا حسنٍ حربٌ تقاضتك دينَها … إلى أن أساءت في بنيك التقاضيا
مضوا عَطرِي الأبرادِ يأرجُ ذكرهم … عبيراً تهاداه الليالي غواليا
غداة َ ابنُ أمّ الموت أجرى فِرنده … بعزمهم ثم انتضاهم مواضيا
واسرى بهم نحو العراق مباهيا … بأوجههم ثم الظلام الدراريا
تناذرتِ الأعداءُ منة ابن غابة ٍ … على نشزات الغيل أصحر طاويا
تساوره افعى من الهم لم يجد … لسورتها شيئاً سوى السيفِ راقيا
وأظمأه شوق غلى العز لم يزل … لِورد حياضِ الموتِ بالصِيد حاديا
فصمَّم لا مُستعدياً غيرَ همّة ٍ … تفلّ له العضبَ الجرازَ اليمانيا
وأقدَم لا مُستسقياً غيرَ عزمة ٍ … تعيد غِرارَ السيف بالدمّ راويا
بيوم صبغنَ البيضُ ثوبَ نهاره … على لابسي هيجاه أحمر قانيا
ترقت به عن خطة الضيم هاشم … وقد بلغت نفس الجبان التراقيا
لقد وقفوا في ذلك اليوم موقفاً … إلى الحشر لا يزداد إلاّ معاليا
همُ الراضعون الحربَ أوّل درِّها … ولا حلم يرضعن إلا العواليا
بكلّ ابنِ هيجاءٍ تربّى بحجرها … عليه أبوه السيفُ لا زال حانيا
طويلِ نجاد السيف فالدرع لم يكن … ليلبسه إلا من الصبر ضافيا
يرى السمر يحملن المنايا شوارعاً … غلى صدره أن قد حملن الأمانيا
هم القوم أقمارُ النديّ وجوههم … يضئن من الآفاق ما كان داجيا
مناجيدُ طلا عينَ كلّ ثنيّة ٍ … يبيت عليها ملبد الحتف جاثيا
ولم تدر إن شدّوا الحبى أُحباهم … ضمَّن رجالاً أَم جبالاَ رواسيا