أمن كلِّ حظٍّ قلَّ قسمي أقلُّهُ – مهيار الديلمي

أمن كلِّ حظٍّ قلَّ قسمي أقلُّهُ … وكلِّ سبيلٍ ضلَّ قصدي أضلُّهُ

وأيّ فتى أسكنتُ قلبي خالصا … هواه بقلبٍ غشّه لي وغلُّهُ

أقول غدا واليومُ أشبهُ من غدٍ … بما سرّني واليوم ما ساء كلُّهُ

وأُغري بذمّ الدهرِ فيما ينوبني … وشرٌّ من الدهر المذمَّم أهلهُ

ظواهرُ مثلُ السيف راقك جفنه ال … محلَّى وإن ضاربتَ خإنك نصلهُ

فما قائل إلا من الماء قولهُ … ولا فاعلٌ إلا من النار فعلُهُ

نجا سالما من قالب الحقّ غيبه … وزاد له في صحبة الناس عقلُهُ

فرابته ممّا قد تبصَّر نفسه … وأوحشه مما تحذّر ظلُّهُ

وكم صاحبٍ منهم غرورا عقدته … بنفسي وكفُّ الغدر عني تحلُّهُ

تكاثرَ عندي وفقه ثم خلفه … إلى أن تساوى منعه لي وبذلهُ

إذا لم تجد إلاّ أخاً قلّ نفعهُ … فكن واحداً يسليه أن قلَّ شكلهُ

وبتْ راضيا بالفقر فيهم وعزِّه … إذا لم يكن إلا السؤالُ وذلُّهُ

فإنك واستدعاء نصرك منهمُ … كطالبِ أعمى تائهاً يستدلِّهُ

وكم طالبٍ مدحي ليمنعَ رفده … فيهجي فيحي ذكره الميتَ بخلُهُ

فصاممته أن يبلغَ الكيُّ داءه … بحيلته أو يلبسَ الوسمَ غفلُهُ

يقولون جارَ الدهرُ قلت وهمتمُ … يجور الذي قد كان يعرفُ عدلهُ

ألا بأبي المسكينَ قصَّرَ حظُّهُ … على أنفٍ فيه وبرَّزَ فضلهُ

يموت إباءً أن يعيش بغبطة ٍ … على غيره فيها من الناس كلُّهُ

ويعتدُّ شبعا مشيهُ طاويَ الحشا … إذا كان من كسب المذلَّة ِ أكلهُ

عدمتك دهراً غامَ فوق شراره … فوابله فيهم خصوصا وطلُّهُ

وهجَّرَ بالأحرارِ إلا فتى ً له … فتى ً من بني عبد الرحيم يُظلُّهُ

بقيّة مجدٍ فيهمُ طاب نبتهُ … وفرع سماحٍ فيهمُ طاب أصلهُ

تساموا بحقٍّ طارفٍ نيلَ عزُّهُ … وفازوا بسبقٍ تالدٍ حيزَ خصلهُ

فللعرب عقدُ الدِّين منهم وشدّه … وللفرس عقدُ الرأي منهم وحلُّهُ

فما ابن عليٍّ فيهمُ إن دعوتهُ … لحادثة ٍ إلا الحسامَ تسلُّهُ

قليل الرضا بالضيم لو بات وحده … بمدرجة ِ الأعداء عزَّ محلُّهُ

ثقيلٌ على بطن الوسادة حلمهُ … خفيفٌ على ظهر المطيّة حملُهُ

كريمٌ لو استبطاه ظامٍ لغلَّة ٍ … تخيّلَ ماءَ البحر ما لا يبُلُّهُ

إذا استكثر العافون فيضَ يمينهِ … جلا وجههُ عن خجلة تستقلُّهُ

أنختُ به والظلُّ عني محوَّلٌ … ونوءُ السماءِ قد تقلَّص حبلهُ

فكان أبي الأدنى وحالي يتيمة ٌ … ورشدي والتوفيقُ قد سدَّ سبلُهُ

ولكنَّ وعدا عينَ لمّا تخازرت … على طوله زرق المطال وشهلُهُ

وسوَّف حتى مات عنه جريحهُ … وضاق على مأسوره فيك غلُّهُ

وشرّ الأيادي يهرمُ الوعدَ والأذى … بتأخيره ما شارف الحلمَ طفلهُ

لعلّك بالإنجازِ مالكُ روحه … عليه فقبلَ اليوم عندي مطلهُ

فأن يكُ أمرا أشكلتْ طرقاتهُ … فغيرك في أمثاله من أدلُّهُ

وكم طمعٍ في غير نصرك طافَ بي … فما زلتُ خوف المنِّ عني أفلُّهُ

وألقيته عن عاتقي متروِّحا … ولم ألقهِ حتى تفاوتَ ثقلهُ

لك الخيرُ عتبٌ من مدلٍّ حقوقه … عليك تمنَّى أن سيقبل دلُّهُ

يخيلُ من الأضحى مخايل مقبلٍ … عليك به حشدُ السرور وحفلُه

يطلّ دمَ الحسّاد حولك ما جرى … دمٌ في ثوابٍ للأضاحي تطلُّهُ

طويلا لك العمرُ الذي تستحبّه … إذا طولُ عمرِ المرء مما يملُّهُ

يمرّ عليك العامُ فالعامُ سالما … فتختمه سعدا كما تستهلُّهُ