أمن خفوق البرق ترزمينا – مهيار الديلمي
أمن خفوق البرق ترزمينا … حنِّي فما أمنعك الحنينا
سرى يمينا وسُراك شأمة ً … فضلَّة ٌ ما تتلفَّتينا
هبَّ كما تخاطفتْ هنديّة ٌ … مخلصة ٌ أجهدتِ القيونا
فكم أراكَ بثنيَّاتِ الحمى … على البعادِ الثغرَ والجبينا
وكم ذكرتَ روضه وغدرهَ … والعممَ الملتفَّ والمعينا
نعم تشاقين ونشتاقُ له … ونعلنُ الوجدَ وتكتمينا
فأين منّا اليومَ أو منك الهوى … وأيننجدٌ والمغوِّرونا
سقى الحيا عهدَ الحمى أعذبَ ما … تسقي السمواتُ به الأرضينا
وخصَّ باناتٍ على كاظمة ٍ … فزادها نضارة ً ولينا
وواصلتْ ما بينها ريحُ الصَّبا … فعانقت عصونها الغصونا
وردَّ أوطارا بها ماضية ً … عليَّ أو أحبّة ً باقينا
أيامَ تاجرتُ الصِّبا فلم أكن … فيه على خسارتي غبينا
آخذُ من عيشي الرضا وأصطفي … من المنى جوهرها المكنونا
وفي حبالات الشباب لي دمى ً … أسرى ولا يسرحنْ لو فدينا
يسفرن عن حرائرٍ مجلوَّة ٍ … ما وصفتْ في عتقها هجينا
إذا اللحاظُ صافحتْ جلودها … قلتَ تضرَّجنَ وما دمينا
تطعنُ بالأعين من طاردها … يا من رأى أسنة ً عيونا
بناتُ كلِّ مترفٍ منعَّمٍ … يعدُّهنَّ عزَّة ً بنينا
يكاد أن يرزقهن لحمه … حيّاً إذا طفنَ به عزينا
ملأنَ أبكارا وعونا صدرهُ … فكاثر الحورَ بهنّ العينا
كم ليلة ٍ بتُّ بهنَّ ناعما … ثم غدوتُ هائما مفتونا
يفسق كفّي بينهنَّ وفمي … فتكا ويمسي مئزري حصينا
بنَّ فبُدِّلتُ بحلمي سفهاً … يعذر من ظنّ الهوى جنونا
عيشٌ نصلتُ من حلاه والفتى … يلبسَ حينا ويُبزُّ حينا
وطارقٍ والليلُ قد مدَّ له … على بياض الطُّرق الدجونا
سرى وأبصارُ النجوم حيرة ً … بفحمة الشباب قد غشينا
والكلبُ يستافُ البيوتُ طاويا … شطريه حتى يلجَ الدَّخينا
يكفرُ تحت كشحة خيشومه … تسمعُ مننباحهِ أنينا
كأنما يخاف في ضلالهِ … أن يطرقَ البيتَ الذي يلينا
قمتُ له من رقدة معسولة ٍ … أكرهُ عنها الجنبَ والجفونا
ثم أنخت خيرها عقيلة ً … بالسيف حتى اغترقَ الوتينا
وقلتُ للجازر قم فاختر له … على مناه الرَّخص والسمينا
جدلاء قد بات خماصا أهلها … والضيفُ قد نام بها بطينا
ومزلقٍ من الكلام موئسٍ … بلاغة َ المفصح أن يبينا
تراودُ الألسنُ من عوصائهِ … شامسة ً لا تتبعُ القرينا
جمعتُ من شذَّانهِ منتقيا … شكوكه أو خلصت يقينا
وضعته محلِّيا برصفهِ … أعراضَ قومٍ خلقوا حالينا
شيعة مجدٍ آمنوا بمعجزي … فيه فهم يفضّلوني دينا
عدِّ بني أيّوبَ أو جوّز بهم … ولا ترى إلا المنافقينا
واشدد يديك بقوى محمدٍ … في الخطب تعلقْ محصدا متينا
مدَّ يداً إلى المنى فنالها … والعمرُ ما مدَّ له السنينا
وأحرزَ الكمالَ في سنينه … في الخمس حتى ناهز الخمسينا
تر الوقارَ والحلوم زنة … معتدلا في خلقه موزونا
تر الرجال مائة في واحد … بل واحدا ترى به مئينا
كأنما كان له الحلمُ أخا … مضاجعا في مهده ملبونا
لم يفترش عجزا من الرأي ولا … ساور في الأمر الهوى الظَّنينا
يكفيه أولى قدحة ٍ من رأيه … إن بيَّت الرأي المخمِّرونا
مباركُ الغرّة فوق وجهه … طلاوة ٌ تستفرح الحزينا
لو شاء من قال اسمهمحمد … زاد فسمى وجهه ميمونا
جرى على أعراض عرقٍ صانه … صيَّره لمالهِ مهينا
لو جمعتْ كفّاه ما فرّقنا … في الجود ضاهى بالغنى قارونا
كأنه آلى على يمينه … ألا تضمَّ درهما يمينا
مكارمٌ ينقلها عن أسرة ٍ … كانوا كراما يومَ كانوا طينا
بنوا على مجدهمُ أحسابهم … فاستشرفوا عالين يا بانينا
وسمعَ الناسُ على تفضيلهم … أن عرَّفوا الماضين بالباقينا
كلّ أبٍ سيماه في وجه ابنه … يرون منه مثل ما يروونا
يعطون إفراطا وتستجيرهم … فيمنعون مثلما يعطونا
ألسنهم إخوة ٌ أرماحهمُ … مطاعنين ومخاطبينا
كأنهم بالسُّمر يكتبون أو … بقصب الأقلام يطعنونا
كانوا وجوه دهرهم وكنتَ في … وجههم الغرَّة َ والعرنينا
أيِّدتُ منك بيدٍ ذرّاعة ٍ … تعطى المنى وتمنع المنونا
وكَّلكَ الفضلُ على الأيام في … نصري فكنتَ الثقة َ الأمينا
فصرتُ لا أشكر من أرفدني … غنى ً ولا أعاتب الضنينا
كفيتني الناسَ على علاَّتهم … فوقاً رأيتُ صاحبي أو دونا
فما أداري خلقا مموَّها … ولا أروم نائلا ممنونا
فلا تصبك من يدٍ ولا فمٍ … كائنة ٌ أفرقُ أن تكونا
ولا يزل جارى المقادير على … ما تبتغي مساعدا معينا
ما كرّ يوم المهرجانِ وأرت … ليلة َ عيدٍ من هلالٍ نونا
وما صبت للحج نفسٌ واجتبت … ركن الصفايجاورُ الحجونا
دعاءُ إخلاص إذا رفعته … قال الحفيظانِ معيآمينا