أمنْ أسماءَ والمسرى بعيدُ – مهيار الديلمي
أمنْ أسماءَ والمسرى بعيدُ … خيالٌ كلما بخلتْ يجودُ
طوى طيَّ البرودِ عراصَ نجدٍ … و زار كما تأرجتِ البرودُ
يشقُّ الليلَ والأعداءَ فردا … شجاعا وهو يذعره الوليدُ
مواقد عامرٍ وسروح طيًّ … و ما قطعت برملتها زرودُ
له ما للبدورِ من الدياجي … فأرقني وأصحابي هجودُ
فقمتُ له أطوقه عناقا … يدا ضعفتْ وباعثها شديدُ
يدُ القناصِ تخفقُ أين مدتْ … حبالته فتضبط ما تصيدُ
فيا لكِ سحرة ً سرقتْ لو أني … غداً فيها يتمّ ليَ الجحودَ .
و كيف وتربُ بابلَ سلخَ شهرٍ … برياها شهودُ وأرداني .
أما ومشعشعين بذاتِ عرقٍ … صلاً يقرى العراقَ له عمودُ
و رامٍ سهمَ عينيه بسلحٍ … و بالزوراء يقتلُ من يريدُ
لما وفتِ الصوارمُ والعوالي … بما جنتِ المحاجرُ والقدودُ
و كم يأوى المشقرَ من غزالٍ … تحاذر من كناستهِ الأسودُ
تقلمُ حوله الأظفارَ عينٌ … و يهتمُ دونه الأنيابَ جيدُ
و أبيضَ من نجوم بني هلالٍ … وجوهُ العيش بعد نواه سودُ
هويتُ له الذي يهواه حتى … حلا إعراضه لي والصدودُ
نفضن الحبَّ أسمالا وعندي … لهنّ على القلى حبٌّ جديدُ
و رحنَ وقد سفكنَ دماً حراما … تصيح به الأناملُ والخدودُ
أما تنهاك عن عيدِ التصابي … مواضٍ من شبابك لا تعودُ
و قادحة ٌ لها في كل يومٍ … ذبولٌ من نشاطك أو خمودُ
طوالع في عذارك لا الأحاظي … قسمنَ طلوعهنّ ولا السعودُ
و قالوا حلمتكَ فقلت شوقا … متى مبدى الخلاعة ِ لي يعيدُ
يجرُّ عليَّ أبيضها خمولا … و كنت بجاهِ أسودها أسودُ
و لم أر كالبياض مذمما في … مواطنَ وهو في أخرى حميدُ
فتلحاه العوارضُ والمفالي … و ترضاه الترائبُ والنهودُ
عدمتُ مكارم الأيام منْ ذا الش … قيُّ بها ومنْ فيها السعيدُ
مع الفضل الخصاصة ُ والتمني … و حولَ العجزِ تزدحم الجدودُ
تقامُ على الفقير وما جناها … إذا وجبتْ على المثرى الحدودُ
و ما لك من أخٍ في الدهر إلا … أخوك طريفُ مالكِ والتليدُ
محضتُ الناسَ مختبرا فكلٌّ … بكئٌ دون زبدته زهيدُ
همُ حولي مع النعمى قيامٌ … و هم عنيّ مع الجليَّ قعودُ
توقَّ تحية َ ابن العمَّ يوما … فربَّ فمٍ بقبلته يكيدُ
و لا تخدعك مسحة ُ ظهرِ أفعى … فتحتَ لثاته نابٌ حديدُ
و أغلبُ ما أتاك الشرُّ ممن … تذبّ الشرَّ عنه أو تذودُ
و حولك من قبيلكُ من تكون ال … قليلَ به وإن كثر العديدُ
مداجٍ أو مبادٍ أو حسودٌ … و شرهمُ على النعمِ الحسودُ
و مولى عره بك مشخمرٌّ … بطول الحفر يهدمُ ما تشيدُ
نصحتُ لمارقٍ من آل عوف … لو أنّ النصحَ يبلغ ما أريدُ
و قلتُ له قناتك لا تدعها … توصمْ بالعقوق ولا تميدُ
و بيتك لا تبدلْ فيه غدرا … فإنّ عليك ما يجني الندودُ
و لا تعبثُ بعزًّ مزيديًّ … لتنقصه وأنت به تزيدُ
هم التحموك معروقا وضموا … عزيبك وهو منتحسٌ طريدُ
و مدوا ضبعك المغمورَ حتى … سما بك بعد مهبطهِ صعودُ
إلى نادٍ تفوه به وتغشى … و سامرة ٍ يشبُّ لها وقودُ
عنوا بثراك واغترسوك حتى … بسقتَ على العضاهِ وأنت عودُ
و ربوا نعمة ً لك لا يغطي … عليها السترَ غمطك والجحودُ
فما غنيَ المبصرُ وهو باغٍ … بما تجدي المشورة ُ أو تفيدُ
و قام يقودها سوقاً عجافاً … أعزُّ من القيام بها القعودُ
يلوثُ جبينه منها بعارٍ … تبيد المخزياتُ ولا يبيدُ
فكيف وأنت طير البغي فيها … جرت لك بالتي عنها تحيدُ
نزلتَ لها بدار الهون جارا … لأقوامٍ تضامُ وهم شهودُ
صديقَ العجزِ أسلمك الأداني … بجرمك واستراب بك البعيدُ
تقاذفك المهامة ُ والفيافي … و تنكرك التهائمُ والنجودُ
فما لك لا وألتَ وأنتَ حرٌّ … يحيرك من عشيرتك العبيدُ
و أن الجارَ لا حيّ عزيزٌ … بأسرته ولا ميتٌ فقيدُ
و لو بأبي الأغرَّ صرختَ فاءتْ … عليك فضولُ رأفته تعودُ
إذن لأثرتَ عاطفة ً وحلماً … تموتُ له الضغائنُ والحقودُ
و كان الصفحُ أبردَ في حشاه … إذا التهبتْ من الحنقِ الكبودُ
و عاد أبرَّ بالأنساب منكم … و بالقربيَ لو أنك تستعيدُ
نتجتَ من المنى بطنا عقيما … نمى َ بك والمنى أمٌّ ولودُ
أتنشدُ ما أضلَّ الحزمُ منها … أطلْ أسفا فليس لها وجودُ .
و توعدهُ وذلك ذلُّ جارٍ … متى اجتمع المذلة ُ والوعيدُ
تريدون الرؤسَ وقد خلقتم … ذنابيَ لا انتفاعَ بأن تريدوا
و يأبى اللهُ إلا مزيديا … على أسدٍ يؤمرُ أو يسودُ
فدعها للذي جفلتْ إليه … و سله العفوَ فهو به يجودُ
دعوا قوما يخاصم في علاهم … رقابكمُ المواثقُ والعهودُ
بأيّ سلاحكم قارعتموهم … أبيَ الماضي الشبا ونبا الحديدُ
و إنّ سيوفكم لتكون فيهم … مكاويَ لا تنشُّ لها الجلودُ
ففخرا يا خزيمُ فكلُّ فخرٍ … إلى أنواركم أعمى بليدُ
لكم نار القرى وندى العشايا … و فرسانُ الصباح وعوا فنودوا
و أندية ٌ وألسنة ٌ هبوبٌ … إذا انتضيتْ وأحلامٌ ركودُ
و منكم كلُّ ولاجٍ خروجٍ … و ذو حزمين صدارٌ ورودُ
موقرُ ما أقلَّ السرجُ ثبتٌ … إذا مالت من الرهج اللبودُ
إذا مضرٌ تطامنَ كلُّ بيتٍ … لها وعلا بربوتها الصعيدُ
و كانت جمرة َ الناسِ احتبيتم … و فيكم عزُّ سورتها العتيدُ
بنى َ لكمُ أبو المظفارِ مجدا … على موت الزمات له خلودُ
و قدمكم على الناس اضطرارا … مقاماتٌ وأيامٌ شهودُ
إجارة ُ حاتمٍ ودمٌ شريقٌ … به لباتُ حجرٍ والوريدُ
و طعنة ُ حاتم وطرٌ قديمٌ … قضى مروانُ فيها ما يرديُ
و صاحتْ باسم صامتَ نفسُ حرًّ … ربيعُ المقترين بها يجودُ
و صخرٌ ذابَ صخرُ على قناكم … ولان لكم به الحجر الشديدُ
و يومُ عتيبة ٍ علمٌ عريضٌ … تباشره المواسمُ والوفودُ
كرائمُ من دماء بارداتٍ … لديكم لادياتِ ولا مقيدُ
و إنّ ببابلٍ منكم لبحرا … لو أنّ البحرَ جاد كما يجودُ
إذا الوادي جرى ملحا أجاجا … ترقرق ماؤه العذبُ البرودُ
فتى ُّ السنَّ مكتهلٌ حجاهُ … طريفُ الملك سؤدده تليدُ
إذا اشتبهتْ كوااكبهم طلوعا … فنور الدولة القمرُ الوحيدُ
أناف به وقدمه عليكم … أبٌ كرمٌ أناف به الجدودُ
أغرُّ قسيمهُ السيفُ المحلى َّ … و مسحبُ ذيله الروضُ المجودُ
يعود إذا تغرب في العطايا … و يقلع في الهناتِ فلا يعودُ
بليلُ الريقِ من كلمٍ سدسدٍ … يقوم بنصره رمحٌ سديدُ
تراغتْ حول قبته بكارٌ … شفار الجازرين لها قتودُ
تراه الخيلُ أفرسَ من تمطتْ … به والجيشُ أشجعَ من يقودُ
و يغنى ثم يفقرُ راحتيه … مقالُ المادحين الفقرُ جودُ
من الغادي ينقله حصانٌ … مفدي السبق أو عنسٌ وخودُ
إذا ركب الطريقُ وفيَ بشرطي … أخٌ منه على أربي عقيدُ
إذا بلغتُ عن إنسانَ ينزو … وراء ضلوعه قلبٌ عميدُ
يرى المرعى الخصيبَ يصدعنه … و يظمأُ وهو يمكنه الورودُ
فقل لأمير هذا الحيَّ عني … أيجمعُ لي بك الأملُ البديدُ
أحنُّ إلى لقائك والليالي … عليّ مع العوائق لي جنودُ
و تجذبني نوازعُ موقظاتٌ … إليك وراءها قدرٌ رقودُ
و كم وعدتْ بك الأمالُ نفسي … و يقضي الدهر أن تلوى الوعودُ
فهل من عطفة ٍ بالود إني … على شحط النوى خلّ ودودُ
محبٌّ بالصفاتِ ولم أشاهدْ … كأني من نجيكمُ شهيدُ
و كم ملكٍ سواكم مدّ نحوي … يديه فقصر الباعُ المديدُ
و معصوبٍ بذكرى أو بشعري … أحول عنه شعري أو أحيدُ
أحاذر أن تبدلني أكفٌّ … سوائمُ صانني عنها الغمودُ
لعلّ علاكمُ وندى يديكم … سينهضني بمثقلة ٍ تؤودُ
و مجتمعٍ عليها القولُ أنيَّ … بها والقولُ مشترك فريدُ
من الغرّ الغرائبِ لم يعبها ال … كلامُ الوغدُ والمعنى الرديدُ
نوادر تلقط الأسماعُ منها … عن الأفواه ما نثرَ النشيدُ
تسير بوصفكم وتقيم فيكم … خوالدَ فهي قاطنة ٌ شرودُ
و ليس يضرُّ راجيكم لرفدٍ … تلومهُ إذا قصدَ القصيدُ