أمكنتِ العاذلَ من قيادها – مهيار الديلمي
أمكنتِ العاذلَ من قيادها … فانتزع الرحمة َ من فؤادها
و لونت أخلاقها فقد غدا … بياضها يشفُّ عن سوادها
و الغانياتُ عطفة ً وصدفة ً … يجنى َ لك الحنظلُ من شهادها
لا يملكُ الراقدُ من أحلامهِ … إلا كما يملك من ودادها
أعلقُ ما كنت بها طماعة ً … أنصلُ ما تكونُ من إسعادها
متى تكلفْ من وفاء شيمة ً … تعدْ إلى شيمتها وعادها
آهِ على الرقة ِ في خدودها … لو أنها تسري إلى فؤادها
بالبان لي دينٌ على ماطلة ٍ … يميس غصنُ البان في أبرادها
سلطتِ الوجدَ على جوانحي … تسلطَ الخلفِ على ميعادها
يا طربا لنفحة ٍ نجدية ٍ … أعدلُ حرَّ القلبِ باستبرادها
و ما الصبا ريحيَ لولا أنها … إذا جرت هبتْ على بلادها
قل لمخيضِ العيسِ أغباسَ السري … تأكلُ عرضَ البيدِ في إسآدها
موائرا ترى السلامَ رمضاً … بينَ سلاماها إلى أعضادها
ذبالها تحت الدجى عيونها … لا تستشير النجمَ في رشادها
تبغي الندى وأين من مراده … طيُّ الفلا وأين من مرادها
عندكَ روضٌ وسحابٌ مغدقٌ … إن صدقتْ عينك في ارتيادها
أيدي بني عبد الرحيم أبحرٌ … أعذبها اللهُ على ورادها
أيدٍ تساوي الجودُ فيها فاكتفى … أن يسأل المعتامُ عن أجوادها
سلالة ٌ من طينة ٍ واحدة ٍ … مجموعها يوجدُ في آحادها
ارمْ بهم على الليالي تنتصفْ … بهمْ على ضعفك من شدادها
و شمهمُ على الخطوب تنتضلْ … بيضَ السريجياتِ من أغمادها
انظرْ إليهم في سماواتِ العلا … مرفوعة ً منهم على عمادها
ترَ النجومَ الزهرَ من وجوههم … ثابتة َ السعودِ في أوتادها
لهم سناها ثمّ ما ضرهمُ … نقصانُ ما يكثرُ من أعدادها
أسرة ُ مجدٍ شهدَ الفضلُ لما … عقبَ عنها بعلا أشهادها
حسبك من آياتها دلالة ً … أن كمالَ الملك من أولادها
حيَّ وقربْ غرة ً أبية ً … كان النوى يألمُ من بعادها
ما سكنتْ أرضٌ إلى حضورها … إلا بكتْ أخرى على افتقادها
تودُّ حباتُ القلوب أنها … ما سافرتْ تكون من أرفادها
عاد إلى الدولة ظلُّ عزها … و قرت الأرواحُ في أجسادها
و امتلأتْ من شهبها أفلاكها … و ضمت الغيلُ على آسادها
يخطبها قومٌ وفي حبالكم … نكاحها وهم بنو سفادها
يا عجزَ من يطمعُ في قنيصها … و الليثُ جثامٌ على مرصادها
أنت لها بعدَ أبيك ثغرة ٌ … غيرك لا يكون من سدادها
وجهك في ظلمائها سراجها … و كفك الذائبُ في جمادها
صدعت بالفضلِ وكنتَ معجزا … تطيعك النفوسُ باجتهاها
و أذعنتْ طائعة ً مختارة ً … بميلها إليك وانقيادها
إن ضلت الآراءُ باجتماعها … كفتك آراؤك بانفرادها
أو عبدتْ أموالُ قومٍ شرفتْ … نفسكَ أن تكون من عبادها
كفتكَ كسبَ العزّ نفسٌ حرة ٌ … أحرزتِ العزة َ من ميلادها
و قدمتك فاجتبيتَ سيدا … أرومة ٌ طرفك من تلادها
تعدي معاليها إلى أبنائها … على زمان هودها و عادها
لكم قداميَ الأرض أو سلافها … كنتم رباً والناسُ في وهادها
و جمة ُ الملك تجمُّ لكمُ … ما طاب واستغزرَ من أورادها
إذا نطقتم سكتَ الناسُ لكم … على قوى الأنفاسِ وامتدادها
كأنما ألسنكم لهاذمٌ … على القنا تشرع في صعادها
ميمونة ٌ النقبة أين وجهتْ … حللتِ المزنُ عرى مزادها
و إن سئلتم لم تروا أموالكم … نامية ً إلا على نفادها
هنا المعالي منك يا خيرَ أبٍ … يكنى بها جمعك من بدادها
ذاك وسلْ مذ غبتَ عن نفسي وعن … ضراعة ٍ لم تكُ في اعتيادها
و نبوة ِ الأعين عنيّ فيكمُ … كأنني صيرتُ من سهادها
أخرتُ نفسي بل قعدتُ حجرة ً … مزملا بالذلّ في بجادها
مخفضا قولي متى قيل صهٍ … خشعتُ بينَ هائها وصادها
بينَ رجال كمنتْ فضائلي … عنهمْ كمون النار في زنادها
لم أرجهم وليتني لم أخشهم … قلوبهم تئنُّ من أحقادها
تسلقني باللوم فيكم ألسنٌ … أقوالها تصغرُ في اعتقادها
فكيفَ معْ قناعتي ظنك بي … هل كان إلا المصُّ من ثمادها
خلفتني جوهرة ً ضائعة ً … بقلة ِ الخبرة ِ من نقادها
لا حظَّ لي أرجوه عند غيركم … من عدة ِ الدنيا ولا عتادها
تسكنُ أحشائي إلى حفاظكم … سكونَ أجفاني إلى رقادها
أنتم لنفسي في الحياة وبكم … أنتظر العونَ على معادها
فأين كان صبركم على النوى … من عركها الصبرَ ومن جهادها
و هل وقد أمرضها بعادكم … كنتم بعطفِ الذكر من عوادها
بلى . لقد واصلها ما بلها … من عون أيديكم ومن إرفادها
و قمتمُ على النوى بلفتة ٍ … من نصرها شيئا ومن إنجادها
فاغتنموا الآنَ تلافي نقصها … في سعة ِ الأيام وازديادها
و عند نعماك لها إن قضيتْ … دينٌ عليه جملة ُ اعتمادها
مؤجلا قبل النوى وبعدها … من طارف الرسوم أو تلادها
فوكل الجودَ على نفسك في … قضائها ومرهُ بافتقادها
و اعلم بأن الحالَ في تسويفها … تضيقُ حتى الوعد في إبعادها
و اسلم لها واسع بها سوائرا … بعفوها منك وباجتهادها
لك الطويلُ الشوطِ من خيولها … فليس ترضى َ لك باقتصادها
لها بطونُ الأرض بل ظهورها … تصوبتْ أو هي في إصعادها
رجليَ ولا يعلقها ركبُ الفلا … بإبلِ البيدِ ولا جيادها
تسترقصُ الأسماعً أو تخالني … أستخلفُ الغريضَ في إنشادها
كأنها على الطروس أنجمٌ … لألأتِ الخضراء باتقادها
يكاد أن يبضَّ من نصوعها … ما سودَّ الكاتبُ من مدادها
تنفسُ الأيامُ عن صوابها … في وصف نعماكم وفي رشادها
ما دمتمُ حليا لمهرجانها … فينا وتيجانا على أعيادها