أمرتَ فلمً أسمع دعوتُ فلمْ تجبْ – محيي الدين بن عربي

أمرتَ فلمً أسمع دعوتُ فلمْ تجبْ … ألا ليتَ شعري منْ هوَ الربُّ والعبدُ

تسترت عني بي فقلت بأني … ظهرتُ فلمْ تخفَ خفيتَ فلمْ أبدُ

طلبتكمُ مني فلمْ أرَ غيركمْ … فهل حكمُ القبلِ المحكمُ والبعدُ

قعدتُ بكمْ عنكمْ لكوني كونكُم … فلما قعدنا قمتَ أنت بنا تعدو

إليكمْ عسى يبدو وجودي إليكمُ … فألقيته في إسمٍ يقال لهُ الفردُ

فأسماؤك الحسنى يكثر كونها … وجودي ولولا ذاكَ لمْ يكنِ البعدُ

فمنْ يحصها حالاً يكونُ بجنة ٍ … ومن يحصها عدّاً يكون له الحدّ

لي البعدُ والتداني من اسمكمْ … فبعدي لكم قربٌ وقربي بكمْ بعدُ

إذا أنتَ أعطيتَ النعيمَ وجدتني … شكوراً وإن لم تعطني فلك الحمد

مركبنا يبغيه برهانُ وجدكم … وأفراده بالذاتِ يطلبها الحدّ

فمنْ قامَ في الأفرادِ فالحدُّ آجلٌ … ومن قام في التركيب برهانه النقد

فكم بين موضوع حماه محرَّم … وكمْ بينَ محمولٍ يساعِدهُ الجدُّ

إذا غطني ملقى الحديثِ بباطني … ففي حلِّ تركيبي يكونُ له قصد

فيفصم عني وهوَ للذاتِ قاهرٌ … إذا بلغ المقصودُ من غطى الجهد

أسايرُهُ حتى إذا ينقضيَ الذي … أتاني بهِ ألوي على عقبي أعدُو

يزملني منْ كان عندي حاضراً … لما هدَّ مني ما تضمنَّه العهدُ

ولستُ بما قدْ قلتهُ بمشرِّعٍ … لقومي ولكني ورثتُ فلمْ أعدُ

بما أنا مأمورٌ به أنا آمرٌ … وما لي مهما جاني منهما بدُّ

لعبت بشطرنجِ العقولِ مدبراً … ولي في الذي يبدو القبولُ أو الردّ

وبالنردِ يلهو صاحبُ الشرعِ والحجى … وقد عرفَ المطلوبَ من لهوِهِ النردُ

وبينهما شطرنجُ نردٍ لمنْ يرى … ويقضي عليه ما يقابله العقد

تولّى على الأسرارِ سلطانُ ودِّه … وأفلحَ شرٌّ كانَ سلطانَهُ الودُّ

له حرمات في شهور تعينت … فواحدهم فردٌ وباقيهمُ سرد

إذا أنتَ شاهدتَ الوجودَ وجودُهُ … بذلكَ ما يعطيهِ من قدحِهِ الزندُ

ولكنه بالريح روحٌ بقائه … يقال لهُ في عرفنا النفخُ والوقدُ

فيفعلُ فعلَ النورِ والنارِ وسمُهُ … كما لهما الإطفاء والذم والحمد

فخضَّ بفتحِ النونِ إذْ عمَّ نفعهُ … ورحمتُهُ والضمُّ من شأنهِ السدُ

فتطمع فيه الكاعبات لنفعه … وترهبُ منهُ في أماكنها الأسدُ