أما والهوى العذري ما بتُّ ساليا – حيدر بن سليمان الحلي
أما والهوى العذري ما بتُّ ساليا … حبيباً بعيني الكرى كان ثانيا
سلوتُ إذاً والله حتى حشاشتي … على عزّها إن كنت أمسيت ساليا
وريّان من ماء الصبا غصنُ قدّه … برغمي يمس في ثرى اللحد ذاويا
فجعتُ به حلو الشمائل بعدما … ولعتُ به غضَّ الشبيبة ناشيا
تطلّعُ نفسي من ثنايا اشتياقها … إلى طلعة ٍ منه تنير الدياجيا
وأطلب في الأحياء رؤية شخصه … على ولهٍ منّي وأنسى افتقاديا
فكم لي على الذكر إليه التفاتة ٌ … كأنْ لم يكن بالأمس وسَّد ثاويا
ولائمة ٍ لامت ولم تدرِ ما الجوى … ولا كيف يرعى المستهام الدراريا
تلوم ولا سمعي لها فيجيبها … إلى سلوة ٍ قلبي ولا قلبها ليا
ولو وجدتْ للبين ما قد وجدته … غدا آمري بالحزن من كان ناهيا
أميمة ُ هل أدميت إلا بنانيا … وهل غيرُ دمعي بلَّ فضل ردائيا
أقلّي فلم أنضح جواي بأدمعٍ … اكفكفها عن مقلتيك جواريا
ولا قلَّبت كفُّ لأسى لك مهجة … حشاي على جمرٍ توقَّد ذاكيا
عذلت وعندي يعلم الله لوعة … أكابد منها ما يدكُّ الرواسيا
غلبتَ وأحداثُ الزمان غوالبٌ … وفي أيّ دار ما أقمن النواعيا
وكيف انتصاري يوم طارقة النوى … وعند الليالي يا ابنة القوم ثاريا؟
حدت ظعن الأحباب عنّي وغادرت … مع السقم تعتاد الهمومُ وساديا
وفي الجيرة النائين لو تعلمينها … علاقة ُ حبٍ همت فيها لياليا
فلو جمعتنا الدار من بعد هذه … إذاً لأطلنا يا أميمُ التشاكيا
بمن أتداوى من جوى الهمّ لا بمن … وهل دفن الأقوام إلا دوائيا؟
وغادين قد أتبعتهم يوم ظعنهم … جفوناً يعلّمن البكاء الغواديا
وقفتُ لهم في مدرج البين وقفة ً … تكسَّر أنّى ملتُ مّني عظاميا
وقفتُ ونفسي رغبة في لقائهم … تمنّي على كذب الرجاء الأمانيا
ومَن ذهبت أيدي المنايا بشخصه … فهيهات فيه يرجع الدهرُ ثانيا
أحباى َ حال الموتُ بيني وبينكم … فما حيلتي فيكم عدمت احتياليا؟
فقوا لا أقام البينُ صدر مطيّكم … لمستعطفِ بالدمع يخشى التنائيا
قفوا خبّروني عنكم هل أراكم … ولو شبحاً ما بين عينيَّ ساريا؟
وتلك الليالي السالفات على منى ً … تطيب وتحلو هل تعود كما هيا؟
ليالي أنسٍ بالوصال لبستها … رقاق الحواشي نيِّراتٍ زواهيا
دعوا إلى قلبي أو خذوه مع الجوى … فها هو خلف الركب أصبح ساريا
أحبايَ لا والله ما عشتُ سلوة ً … ولا بكم استبدلت خلاً مصافيا
ولمّا سرى الناعي بكم فاستفزني … ونادى منادي البين أن لا تدانيا
ربطت الحشا بالراحتين ولم أخلْ … تطيح شظايا مهجتي ببنانيا
وعندي مما ثقَّف البينَ أضلعٌ … غدون على جمر الفراق حوانيا
وعينٌ بلا غمضٍ كأن جفونها … حلفن بمن تهواه أن لا تلاقيا
وقلبٌ متى يا برق يقدحك الأسى … قدحت به زنداً من الشوق واريا
ولي في زوايا ذلك النعش مهجة ٌ … ترفُّ رفيف الطير يفحص داميا
قضى الله أن لا أبرح الدهر اشتكي … لو أعج يدمين الحشا والمآفيا
فيا عين سيلي بالدموع صبابة ً … ويا نفسُ منّي قد بلغت التراقيا