أمالكَ من غرامٍ ما أمالا – الشريف المرتضى

أمالكَ من غرامٍ ما أمالا … وزادَك نُصحُ عاذلها خَبالا؟

ولو كانتْ وقد هجرتْ أرادتْ … دلالاً لاحتملتُ لها الدّلالا

وما زال العذول يقول حتّى … أذنتَ له فأسمعَك المُحالا

فما لك والحِجالَ وقد جعلتمْ … قلوبَ العاشقين لكمْ حِجالا

وما أُلحي سِوى قلبي وفيهِ … نُدوبٌ منكَ كيفَ إليك مالا؟

هجرتَ ونحنُ أيقاظٌ بوَجٍّ … وزرتَ بِنَعفِ كاظمة ٍ خَيالا

وليس الهجرُ عن سببٍ ولكنْ … خلوتَ وما خلونا منك بالا

وطيفٌ منكمُ بجنوب نجدٍ … أرانى من ” محاسنكمْ ” مثالا

أقام على مضاجعنا هدوّاً … فلمّا زال عنّا النّومُ زالا

لهوتُ بباطل الأحلامِ حتّى … وددتُ لهنّ أنّ الّليل طالا

أليلتنا بكاظمة ٍ أضلّى … بياضَكِ أنْ يلمَّ بنا ضَلالا

فليس الصُّبحُ من أَرَبي وحسبي … ظِلالُ اللّيل أسكنه ظِلالا

ومعسولِ المراشف لو سقانى … سقانى من مجاجته الزّلالا

متى يَفَتَرَّ يبسمْ عن نقيِّ … شَتيتِ الرَّصْفِ تحسبُه سَيالا

كأنَّ بهِ سَحيقَ المسكِ وَهْناً … تناثر أو عقيقَ الخمر سالا

وكان الدَّهرُ ألْبَسَني سَواداً … أَروعُ به الغزالة َ والغزالا

نعمتُ بصبغهِ زمناً قصيراً … فلمّا حالتِ الأعوامُ حالا

بفخر الملك أعتبتُ اللّيالى … وعاد أجاجنا عذباً زلالا

وسالمنا الزّمانُ به وكانتْ … حروبُ صروفه فينا سجالا

وأصبحتِ العراقُ بخير حالٍ … وكانتْ أسوأَ الأمصار حالا

دخلتُ عليه مجلسه فأدنى … وأعلاني مكاناً لا يُعالى

وأثقلني ولم أكُ طولَ عمري … حملتُ لغيره المننَ الثّقالا

بإكرامٍ إذا عظمتْ وجلّتْ … لدى قلبى أوائله توالى

وقولٍ كلّما ” اضطربتْ ” قلوبٌ … ” بحظّى ” منه أعقبهُ فعالا

وبشرٍ يأخذ الأقوامُ منه … أمامَ نَوالِ راحتهِ النَّوالا

ولمّا أنْ دعاكَ إليه بدرٌ … سبقتَ إلى تَدارُكهِ العُجالى

فأحزنتَ السهولَ حمًى ” وجرداً ” … محصَّنة ً وأسهلتَ الجبالا

وأبصَرها هِلالٌ خارقاتٍ … ذيولَ النَّقْعِ يحملْنَ الهلالا

“عوابس” كلّما طرحت قتيلاً … جعلنَ ضَفير لِمَّتِه قِبالا

عليهنَّ الأُلى جَعلوا العوالي … وما طالتْ بأيديهمْ طوالا

كأنّ على قنيّهمُ نجوماً … “خررن” على القوانس أوذبالا

ومُذ صَقلوا سيوفَهمُ المواضي … بأعناق العدا هجروا الصّقالا

تمدُّ الحربُ منك بلوذعى ٍّ … يسعِّرُها إذا خَبَتِ اشْتعالا

وقلبُك يا جريءَ القلب قلبٌ … كأنَّكَ ما شهدتَ به القتالا

“وذى ” لجبٍ تألّق جانباه … كأنَّ به على الآفاقِ آلا

وفيه كلُّ سَلْهَبَة ٍ جَموحٍ … يعاسِلْنَ المثقَّفَة َ الطِّوالا

فَلَوْتَ بكلِّ أبيَضَ مَشرفيِّ … بكَبَّتِهِ رؤوساً لا تُفالى

ومَنْ لولاك زوّارُ الأعادي … إذا ملّوك زدتهمُ ملالا

وشاهقة ٍ حماها مبتنيها … وطوّلها حذاراً أن تنالا

وحصّنها وعند الله علمٌ … بأنّك لم تدع “فيها” عقالا

تراها تستدقّ لمن علاها … كأنَّ بها وما هُزِلَتْ هُزالا

وقُلَّتُها تمسُّ الأُفقَ حتى … تقدِّرَها بحدِّ الشّمسِ خالا

ظفرتَ بها وضيفك من بعيدٍ … يرى ما كان فيه إليك آلا

وما كان الزّمانُ يرى عليها … لغيرِ الطيرِ جائلة ً مجالا

نقلتَ بما نقلتَ قلوبَ قوم … ويحسبُك الغبيُّ نقلتَ مالا

وسقتَ إلى قوام الدِّينِ فتحاً … يرى كلّ الفتوح له عيالا

وكم لك قبله من قاطعاتٍ … مدى الآفاقِ لم تَخَفِ الكَلالا

إذا ما بات يقلب جانبيها … قوامُ الدين تاهَ بها وصالا

فخذها فوق ما تهواه منها … عطاءً ما لقيتَ به مطالا

ومجدِك، إِنّه قسمٌ جليلٌ … لقد أتعبتَ فى الدّنيا الرّجالا

إذا طلبوك فتّهمُ جميلاً … وإنْ رَمَقوك رُعْتَهمُ جمالا

فما لَكَ ليس تَرضى عن محلِّ … كأنّك بعدُ لم تصبِ الكمالا ؟

ألستَ أتمنّا خلقاً وخلقاً … وأبسطنا يميناً أو شمالا ؟

فما يبغى الذى يضحى ويمسى … وقد جمع المهابة َ والجلالا ؟

ومَن لولاه كان الناسُ فَوْضى … وكانَ الأمرُ مُطِّرَحّا مُذالا

فدمْ يا فخرَ ” ملك ” بنى بويهٍ … دواماً لانريدُ به زَوالا

وقبلك من حرامٌ فيه مدحى … فخذه اليوم مبذولاً حلالا