ألَمْ تَرَ أنّ الجَهْلَ أقْصَرَ باطِلُهْ، – جرير

ألَمْ تَرَ أنّ الجَهْلَ أقْصَرَ باطِلُهْ، … وَ أمسى عماءً قدْ تجلتْ مخايلهُ

وَ كانَ محلكَ منْ وائلٍ … محلَّ القرادِ من أستِ الجملْ

أجنُّ الهوى أمْ طائر البينِ شفني … بحمدِ الصفا تنعابه وَ محاجله

لَعَلّكَ مَحْزُونٌ لِعِرْفَانِ مَنْزِلٍ، … مُحِيلٍ بِوَادي القَرْيَتَينِ مَنَازِلُهْ

فإنّي، وَلَوْ لامَ العَوَاذِلُ، مُولَعٌ … بحُبّ الغَضَا من حُبّ مَن لا يُزَايِلُهْ

وَ ذا مرخٍ أحببتُ منْ حبَّ أهلهِ … وَحَيثُ انتَهَتْ في الرّوْضَتَينِ مسايلُهْ

أتَنْسَى لطُولِ العَهْدِ أمْ أنتَ ذاكِرٌ … خليلكَ ذا الوصلِ الكريمَ شمائلهْ

لحبَّ بنارٍ أوقدتْ بينَ محلبٍ … وَفَرْدَة َ لَوْ يَدنو من الحَبلِ وَاصِلُهُ

وَ قدْ كانَ أحياناً بي الشوقُ مولعاً … إذا الطرفُ الظعانُ ردتْ حمائلهِ

فلَمّا التَقَى الحَيّانِ أُلقِيَتِ العَصَا، … وَ ماتَ الهوى لما أصيبتْ مقاتلهِ

لَقَدْ طالَ كِتْماني أُمامَة َ حُبَّها، … فهذا أوانُ الحبَّ تبدو شواكله

إذا حُلّيَتْ فَالحَلْيُ مِنْهَا بمَعْقِدٍ … مليحٍ وَ إلاَّ لمْ تشنها معاطله

وَقالَ اللّوَاتي كُنّ فِيهَا يَلُمْنَني: … لعلَّ الهوى يومَ المغيزلِ قاتله

وَ قلنَ تروحْ لا تكنْ لكَ ضيعة ً … وَقَلبَكَ لا تَشْغلْ وَهُنّ شَوَاغِلُهْ

وَ يومٍ كأبهامِ القطاة ِ مزينٍ … إليّ صِبَاهُ، غالِبٍ ليَ باطِلُهْ

لهوتُ بدنيٍ عليهِ سموطهُ … وَإنْسٌ مَجاليهِ، وَأنْسٌ شَمائِلُهْ

فما مغزلٌ أدماءُ تحنو لشادنٍ … كطوقِ الفتاة ِ لمْ تشددْ مفاصله

بأحْسَنَ مِنْها يَوْمَ قالَتْ: أناظِرٌ … إلى اللّيلِ بَعضَ النَّيل أم أنتَ عاجلُهْ

فلوْ كانَ هذا الحبُّ حباً سلوتهُ … وَ لكنهُ داءٌ تعودُ عقابلهْ

وَ لمْ أنسَ يوماً بالعقيقِ تخايلتْ … ضحاهُ وَ طابتْ بالعشيَّ أصائلهْ

رزقنا بهِ الصيدَ الغزيرَ وَ لمْ أكنْ … كمنْ نبلهُ محرومة ٌ وحبائلهْ

ثواني أجيادٍ يودعنَ منْ صحا … وَمَنُ بَثُّهُ عَن حاجة ِ اللّهوِ شاغلُهْ

فأيهاتَ أيهاتَ العقيقُ وَ منْ بهِ … وَأيْهَاتَ وَصلٌ بالعَقيقِ تُوَاصِلُهْ

لنا حاجة ٌ فانظرْ وراءكَ هلْ ترى … برَوْضِ القَطا الحَيَّ المُرَوَّحَ جَامِلْهُ

رِعانُ أجاً مِثلُ الفَوَالِجِ دُونَهُمْ، … وَرَمْلٌ حَبَتْ أنْقَاؤه وَخَمَائِلُهْ

رددنا لشعثاءَ الرسولَ وَ لا ارى … كَيَوْمِئذٍ شَيْئاً، تُرَدّ رَسَائِلُهْ

فلوْ كنتَ عندي يومَ قوٍ عذرتني … بِيَوْمٍ زَهَتْني جِنُّهُ وَأخابِلُهْ

يَقُلْنَ إذا ما حَلّ دَينُكَ عِنْدَنَا، … وَ خيرُ الذي يقضي منَ الدينِ عاجلهْ

لكَ الخيرُ لا تفضيكَ إلاَّ نسيئة ً … من الدَّينِ أوْ عَرْضاً فهلْ أنتَ قابلُهْ

أمِنْ ذِكْرِ لَيلى وَالرّسُومِ التي خلَتْ … بنَعْفِ المُنَقّى رَاجَعَ القَلبَ خابلُهْ

عَشِيّة َ بِعْنا الحِلْمَ بالجَهلِ وَانتحتْ … بِنا أرْيَحيّاتُ الصِّبا، وَمَجاهِلُهْ

وَ ذلكَ يومٌ خيرهُ دونَ شرهِ … تغيبَ واشيارِ وَ أقصرَ عاذلهْ

وَخَرْقٍ مَنَ المَوْماة ِ أزْوَرَ لا تُرَى … مِنَ البُعدِ إلاّ بَعدَ خَمسٍ مَناهلُهْ

قطعتُ بشجعاءِ الفؤادِ نجيبة ٍ … مروحِ إذا ما النسعُ غرزَ فاصله

وَقَد قَلّصَتْ عَن مَنزِلٍ غادَرَتْ بِه … منَ الليلِ جوناً لمْ تفرجْ غياطلهْ

وَ أجلادَ مضعوفٍ كأنَّ عظامهُ … عروقُ الرخامى َ لمْ تشددْ مفاصلهُ

وَيدْمَى أظَلاّها على كُلّ حَرّة ٍ، … إذا استعرضتْ منها حريزاً تناقلهُ

أنَخْنَا فَسَبّحْنا، وَنَوّرَتِ السُّرَى … بأعرافِ وردِ اللونِ بلقٍ شوا كلهُ

وَأنْصِبُ وَجْهي للسُّمُومِ، وَدونَها … شماطيطُ عرضيّ تطيرُ رعابلهِ

لَنَا إبِلٌ لمْ تَستَجِرْ غَيرَ قَوْمِها، … وَ غيرَ القنا صماً تهزُّ عواملهْ

رَعَتْ مَنبتَ الضَّمرانِ من سَبَلِ المِعى … إلى صُلْبِ أعيارٍ، تُرِنّ مَساحِلُهْ

سقتها الثريا ديمة ً وَ استقتْ بها … غروبَ سماكيٍ تهللَ وابلهْ

تَرَى لِحَبِيّيْهِ ربَاباً كَأنّهُ … غَوَادي نَعَامٍ يَنفُضُ الزِّفَّ جافلُهْ

ترَاعي مَطافِيلَ المَهَا، وَيَرُوعُهَا … ذبابُ الندى تغريدهُ وصواهلهُ

إذا حاوَلَ النّاسُ الشّؤونَ وَحاذَرُوا … زلازلَ أمرٍ لمْ ترعها زلازلهْ

يُبيحُ لهَا عَمْروٌ وَحَنْظَلَة ُ الحِمَى ، … وَيَدفَعُ رُكنُ الفِزْرِ عنها وكاهِلُهْ

بني مالكٍ منْ كانَ للحيَّ معقلاً … إذا نَظَرَ المَكْرُوبُ أينَ مَعاقِلُهْ

بذي نجبٍ ذدنا وَ واكلَ مالكٌ … أخاً لمْ يَكُنْ عِندَ الطِّعَانِ يُوَاكِلُهْ

تَفُشّ بنو جَوْخى الخَزِيرَ وخَيلُنا … تُشَظّي قِلالِ الحَزْنِ يَوْمَ تُناقِلُهْ

أقمنا بما بينَ الشربة َّ وَ الملا … تُغَنّي ابنَ ذي الجَدّينِ فينا سَلاسلُهْ

وَنحنُ صَبَحْنَا المَوْتَ بِشراً وَرَهْطَهُ … صُرَاحاً وَجادَ ابنيْ هُجَيمة َ وَابِلُهْ

ألاَ تسألونَ الناسَ منْ ينهلُ القنا … وَ منْ يمنعُ الثغرَ المخوفَ تلاتلهْ

لنا كلُّ مشبوبٍ يروى بكفهِ … جَنَاحا سِنَانٍ دَيْلَميٍّ وَعَامِلُهْ

يُقَلَّصُ بالفَضْلَينِ: فَضْلِ مُفاضَة ٍ، … و فضلِ نجادٍ لمْ تقطعْ حمائله

وَ عمى رئيسُ الدهمِ يومَ قرارقرٍ … فكانَ لَنَا مِرْبَاعُهُ وَنَوَافِلُهْ

وكان لنا خَرْجٌ مُقيمٌ عليهمُ، … وَ أسلابُ جبارِ الملوكِ وَ جاملهْ

أتَهْجُونَ يَرْبُوعاً، وَأترُكُ دارِماً، … تهدمَ أعلى جفركمْ وَ أسافله

ودهم كجنحِ الليلِ زرنا به العدى … لهُ عثيرٌ مما تثيرُ قنابلهْ

غذا سوموا لمْ تمنعَ الأرضُ منهمُ … حَرِيداً ولمْ تَمنَعْ حَرِيزاً مَعاقِلُهْ

نحوطُ الحمى والخيلُ عادية ٌ بنا … كما ضَرَبَتْ في يَوْمِ طَلٍّ أجادِلُهْ

أغَرّكَ أنْ قيلَ الفَرَزْدَقُ مَرّة ً؛ … وَذو السنّ يُخصَى بعدما شقّ بازِلهْ

فإنّكَ قَدْ جاريت لا مُتَكَلِّفاً، … و لا شنجاً يومَ الرهانِ أباجله

أنا البدرُ يعشى طرفَ عينيكَ فالتمسْ … بكفيكَ يا بنَ القينِ هلْ أنتَ نائلهْ

لَبِسْتُ أداتي، والفَرَزْدَقُ لُعْبَة ٌ، … عليهْ وشاحا كرجٍ وَ جلاجلهُ

أعِدّوا مَعَ الحَلْيِ المَلابَ، فإنّمَا … جَريرٌ لَكُمْ بَعْلٌ وَأنتُمْ حَلائِلُهْ

وَأعْطوا كِما أعطَتْ عَوَانٌ حَلِيلَها، … أقرَّتْ لبعلٍ بعدَ بعلٍ تراسلُهْ

أنا الدهرُ يُفني الموتَ والدهرُ خالدٌ … فجِئْني بِمثْلِ الدهْرِ شَيئاً يُطاوِلُهْ

أمِنْ سَفَهِ الأحلامِ جاؤوا بقِرْدِهم … إلى َّ وَ ما قردٌ لقرمٍ يصاوله

تَغَمّدَهُ آذِيُّ بَحْرٍ، فغَمَّهُ، … وَألقاهُ في الحوتِ فالحوتُ آكِلهْ

فإنْ كُنْتَ يا ابنَ القَينِ رَائِمَ عِزِّنَا … فرمْ حضناً فانظرْ متى أنتَ نائلهْ

بني الخطفي حتى رضينا بناءهُ … فهلْ أنتَ إنْ لمْ يرضكَ القينقاتله

بنينا بناءً لمْ تنالوا فروعهُ … وَهَدّمَ أعْلى مَا بَنَيْتُمْ أسَافِلُهْ

وَمَا بِكَ رَدُّ لِلأوَابِدِ، بَعْدَمَا … سبقنَ كسبقِ السيفِ ما قالَ عاذلهُ

ستلقى َ ذبابي طائفاً كانَ يتقي … وَتَقْطَعُ أضْعَافَ المُتُونِ أخَايِلُهْ

وَمَا هَجَمَ الأقْيانُ بَيتاً بِبَيْتِهِمْ، … وَ لا القينُ عنْ دارِ المذلة ِ ناقله

وَ ما نحنُ أعطينا أسيدة َ حكمها … لعانٍ أعضتْ في الحديدِ سلاسلهْ

وَ لسنا بذبحِ الجيشِ يومَ أوراة ٍ … وَ لمْ يستبحنا عامرٌ وَ قنابله

عرفتمْ بني عبسٍ عشية َ أقرنٍ … فَخُلّيَ للجَيْشِ اللّوَاءُ وَحَامِلُهْ

وَعِمْرَانُ، يَوْمَ الأقْرَعَينِ، كأنّما … أناخَ بذي قُرْطَينِ خُرْسٍ خلاخِلُهْ

وَلم يَبقَ في سَيفِ الفَرَزْدَقِ مِحمَلٌ، … وَ في سيفِ ذكوانَ بنِ عمروٍ وَ محامله

و يرضعُ منْ لاقى وَ إنْ يلقَ مقعداً … يقودُ بأعمى فالفرزدقُ سائلهْ

إذا وضعَ السربال قالثْ مجاشعٌ … لَهُ مَنْكِبَا حَوْضِ الحِمارِ وكاهِلُهْ

على َ حفرِ السيدانِ خزية ً … وَيَوْمَ الرَّحَا لمْ يُنقِ ثوْبَكَ غاسلُهْ

أحارثُ خذْ منْ شءتَ منا ومنهمُ … وَ دعنا نقسْ مجداً تعدُّ فواضلهْ

فَما في كتابِ اللهِ تَهْديمُ دارِنَا، … بتهديمِ ماخورٍ خبيثٍ مداخلهْ

وَفي مُخدَعٍ مِنْهُ النَّوَارُ وَشَرْبُهُ، … وَفي مُخْدَعٍ أكْيَارُهُ وَمَرَاجِلُهْ

تَمِيلُ بهِ شَرْبُ الحَوانِيتِ رَائِحاً، … إذا حركتْ أوتارَ صنجٍ أناملهْ

وَ لستَ بذي درءٍ وَ لا ذي أرومة ٍ … وَ ما تعطَ من ضيمٍ فانكَ قابلهْ

جزعتمْ إلى صناجة ٍ هروية ٍ … عَلى حِينِ لا يَلْقَى معَ الجِدّ باطِلُهْ

إذا صقلوا سيفاً ضربنا بنصلهِ … وَ عادَ الينا جفنهُ وَ حمائلهْ