ألا زعمت عرسي سويدة أنها – الفرزدق
ألا زَعَمَتْ عِرْسي سُوَيْدَةُ أنّهَا … سَرِيعٌ عَلَيْها حِفْظَتي للمُعاتِبِ
وَمُكْثِرَةٍ، يا سَوْدَ، وَدّتْ لَوَ انّها … مكانَكِ، وَالأقوَامُ عِنْدَ الضّرَايبِ
ولَوْ سألَتْ عَنّي سُوَيْدَةُ أُنْبِئَتْ … إذا كانَ زَادُ القَوْمِ عَقْرَ الرّكايِبِ
بضَرْبي بسَيْفي ساقَ كلّ سَمِينَةٍ، … وَتَعْلِيقِ رَحْلي ماشِياً غَيرَ رَاكِبِ
وَلَوْلا أُبَيْنُوها الّذينَ أحبُّهُمْ، … لقَدْ أنكَرَتْ منّي عُنُودَ الجَنائِبِ
وَلَكِنّهُمْ رَيْحانُ قَلبي، ورَحمَةٌ … مِنَ الله أعطاها مَلِيكُ العَوَاقِبِ
يَقُودُونَ بي إنْ أعْمَرَتْني مَنِيّةٌ، … وَيَنْهَوْنَ عَنّي كُلَّ أهْوَجَ شاغبِ
هُمُ بَعْدَ أمْرِ الله شَدّوا حِبَالَها، … وَأوْتَادَهَا فينا بِأبْيَضَ ثَاقِبِ
لَنَا إبِلٌ لا تُنْكِرُ الحبلَ عَجْمُها؛ … وَلا يُنْكِرُ المأثُورُ ضَرْبَ العَراقبِ
وَقد نُسمِنُ الشّوْلَ العِجافَ وَنبتغي … بها في المعالي، وَهيَ حُدْبُ الغَوارِبِ
خَرَجْنا بها مِنْ ذي أُرَاطَى، كأنّها … إذا صَدّها الرّاعي عِصيُّ المَشاجِبِ
جُفافٌ أجَفَّ الله عَنْهُ سَحَابَهُ، … وأوْسَعهُ من كُلّ سَافٍ وَحاصِبِ
فما ظَلَمَتْ أنْ لا تَنورَ، وَخَلْفَها … إذا الجُدْبُ ألقى رَحلَهُ سيفُ غالِبِ
خَليطانِ فيها قَدْ أبَادا سرَاتَهَا … بعَرْقِ المناقي، وَاجتِلاحِ الغَرائِبِ
ولَوْ أنّها نَخْلُ السّوَادِ، وَمِثْلُهُ … بحافاتها مِنْ جَانِبٍ بَعْدَ جَانِبِ
وَلَوْ أنّها تَبْقَى لِبَاقٍ لأُلْجِئَتْ … إلى رَجُلٍ فِيها صَنِيعٍ وَكاسِبِ