ألا انعم صباحا أيها الوارد الذي – محيي الدين بن عربي

ألا انعم صباحا أيها الوارد الذي … أتانا فحيانا من الحضرة ِ الزلفى

فقلت له أهلاً وسهلا ومرحبا … بواردِ بشرى جاءَ من موردٍ أصفى

فقال: سلامٌ عندنا وتحية … عليكم وتسليم من الغادة الهيفا

من اللاءِ لمْ يحجبنَ إلا بقية ً … فقلت له القنوى فقال هي الذلفا

لقد طلعت في العين بدراً مُكملا … وفي جيدنا عقداً وفي ساعدي وقفا

فقلت لها: من أنت؟ قالت: جهلتني … أنا نفسكَ الغرا تجلتْ لكمْ لطفا

فأعرضتُ عنها كيْ أفوزَ بقربها … وطأطأتُ رأسي ما رفعتُ لها طرفا

وقد شغفتُ حباً بذاتي وما درتْ … وقد مُلئت تيهاً وقد حُشيَتْ ظرفا

وثارتْ جيادُ الريحِ جوداً وهمة ً … وما سبقتْ ريحاً تهبُّ ولا طرفا

وجاء الإله الحقُّ للفصل والقضا … على الكشفِ والأملاكُ صفاً لهُ سفا

عنِ الحكمِ عنْ أعياننا وهوَ علمهُ … وما غادروا مما علمتُ به حرفا

لذلك كانت حجة الله تعتلي … على الخصمِ شرعاً أو مشاهدة ً كشفا

وهبَّ نسيمُ القربِ منْ جانبِ الحمى … فأهدى لنا من نشرِ عنبرهِ عُرفا

حبستُ على من كان مني كأنه … فؤادي وأعضائي لشغلي به وقفا

وما برحتْ أرسالهُ في وجودنا … على حضرتي بما أرسلتْ عرفا

وأرواحهُ تزجي سحائبَ علمهِ … إلى خلدي قصدا فيعصفها عَصفا

يشف لها برق بإنسانِ ناظري … وميضُ سناه كاد يخطفه خطفا

ويعقبهُ صوتُ الرعودِ مسبحاً … ليزجرها رحمي فيقصفُها قصفا

يخرجُ ودقُ الغيثِ من خللٍ بها … فتصبحُ أرضُ اللهِ كالروضة ِ الأنفا

شممتُ لها ريحاً بأعلامِ راية ٍ … كريَّا حمياها إذا شربت صرفا

ولما تدانتْ للقطافِ غصونُها … تناولتُ منها كالنبيّ لهم قطفا

ولما تذكرتُ الرسول وفعله … على مثلِ هذا لمْ أزلْ أطلبُ الحلفا

وراثة من أحيى به الله قلبَه … ولو كنت كنتُ الوارثَ الخلف الخلفا

ألا إنني أرجو زوال غوايتي … وأرجو من اللهِ الهداية َ والعطفا

إذا ما بدا لي الوجهُ في عينِ حيرتي … قررتُ بها عيناً وكنتُ بها الأحفى

تبينُ علاماتٌ لها عندَ ذي حجى ً … وأعلامها بين المقاماتِ لا تخفى