ألا إنَّ الوجودَ وجودُ ربي – محيي الدين بن عربي
ألا إنَّ الوجودَ وجودُ ربي … وما يبدو منَ الأحكامِ حكمي
فلا عينٌ تراهُ علا فاعلمْ … كذا يقضي بهِ نظري وعلمي
وعلمي بالذي يقضي صحيح … ولكني أرجحُ فيهِ كتمي
وكونُ الحقِّ عيناً عينُ حكمي … فمنْ قبلَ الإلهَ ولا إسمي
فذاتُ الحقِّ إدراكات ذاتي … وذاتي ظلهُ في حكمِ زعمي
ألا تنظرُ لمدِّ الظلِّ منهُ … بنورِ الشمس ابقاء لرسمي
فلولا أنْ أكونَ كهو وجوداً … بحذفِ الكافِ في مدي وضمي
إليهِ بعدَ مدي وانبساطي … يسيراً إذْ أساميهِ منْ اسمي
ولما كانت الأسماء باسمي … كذاكَ لهُ السماتُ منْ أصلِ وسمي
فنعتي نعتهُ منْ كلِّ وجهٍ … ولكني أغطيهِ لأعمي
ولولا أنْ يقول به أناسٌ … لقلتُ بهِ كما يعطيهِ فهمي
ووهمي في العلومِ لهُ احتكامٌ … وما وهمُ النفوسِ كمثلِ وهمي
فإنَّ الوهمَ عينُ وجودِ حقي … كمثلِ قوايَ في قولِ المسمي
له عندي مقامٌ ليس يدري … وهمّ الخَلقِ فيه غير همي
حكمتُ بهِ عليهِ وليسَ كوني … بهِ حكمي بعدلٍ أو بظلمِ
لقد كان الوجودُ بلا زمانٍ … ولا أينَ ولا كيفَ وكمِّ
ولا عرضٍ ولا وضعٍ بلحنٍ … ولا فعلٌ ومنفعلٌ وجسم
ولا نسبٍ يضافُ إلى وجودي … وبعد الكونِ حققهن أمي
مقولاتٌ أتين على اتساق … يترجمها إلى الأفهام نظمي
لهُ عشرٌ وللأكوانِ عشرٌ … كذا زعموا وهذا ليسَ زعمي
فإن قلنا به جهلوا مقالي … وإنْ جهلوا يزيدُ عليَّ غمي
مدحتُ المصطفى فمدحتُ نفسي … ولي قسَمٌ وما جاوزت قسمي
فأعمالي تردّ عليّ منه … ولو أرمي فعيني منه أرمي
فإن عصم الإله به وجودي … فإن أرمي فنصلٍ ليس يَصمي
وهذي رحمة منهُ توالتْ … لديَّ بها يعودُ عليَّ سهمي
وظني لم يزل ظناً جميلاً … فإنَّ الظنَّ مني عين علمي
إلى معناي فانظر يا خليلي … ولا تنظر بطرفكَ نحوَ جسمي
فقفلي ما قفلتُ بهِ وجودي … عن الإدراك بي والختم ختمي
فلا تفتحْ فخلفَ البابِ ريحٌ … إذا هبَّت عليّ تهين عظمي
تميزني الصلاة ويرتدي بي … إذا صليتها بأبٍ وأمِّ
ولوْ أنَّ الدليلَ يدلُّ حقاً … عليه لكان يولده لتسمِّ
ولم يولد فلم يدركه عقلٌ … فإنْ ظفروا بهِ فبحكمِ وهمِ
وإن حكموا عليه بمثل هذا … فقد حكموا عليه بغير علم
تعالى اللهُ عن قدمٍ بكوني … كما قد جلَّ عن حدثٍ بكمّ