ألا إنَّ أمرَ الله أمرُ رسولهِ – محيي الدين بن عربي
ألا إنَّ أمرَ الله أمرُ رسولهِ … فإنَّ رسولَ اللهِ عنهُ يترجمُ
وما هوَ إلا واحدٌ بعدَ واحدٍ … يكونُ على شرعٍ بهِ اللهُ يحكمُ
وذلكَ عينُ الحقِّ في كلِّ شرعة ٍ … ومنهاجهُ والكلُّ منهُ ومنهمُ
على حسبِ الوقتِ الذي يقتضي لهُ … فيطلبهُ حالاً كما جاءَ عنهمُ
فتختلفُ الآياتُ والأمر واحدٌ … فإنَّ الإله الحقَّ بالوقتِ أعلم
وأعجبُ منْ هذا الكلامِ بنظرة ٍ … فيفهمُ عني ما أقولُ وأفهمُ
وما ثَمَّ لفظَ يدركُ السمعَ حرفُه … وأدري بأني ناطقٌ ومكلِّم
وما ثَم صوتٌ لا ولا ثم أحرف … كما قال قبلي ناظمٌ متقدِّم
تكلمُ منا في الوجوهِ عيوننا … فنحنُ سكوتٌ والهوى يتكلمُ
فألسنة ُ الأحوالِ أفصحُ ناطق … لها يسمعُ القلبُ الذكيُّ ويفهم
علومُ رسولِ اللهِ ضربٌ منزهٌ … عنِ الحدِّ والتكييفِ والكلُّ معلمُ
وكلُّ كلامٍ من حروفٍ تعينتْ … مخارجُها يدريه عُرْبٌ وأعجمُ
سَماعاً ولا يدري الذي جاءهم به … إذا جهل للحن الذي هو مفهم
إذا حكم المجلّي عليه بصورة … فمستلزمُ أحكامها فهيَ تحكمُ
فلا تفزعنَّ إلا إليها فإنها … هي الحكم الأعلى الإمام المقدَّمُ
ألا من هنا قدْ جاءَ في أيِّ صورة ٍ … يشاءُ إلهي ركَّب الخلقَ فاعلموا
إذا قلتُ ذا حقٌّ فقل بحقيقة ٍ … بصاحبه إنَّ الحقائقَ تعصمُ
بذا نطقتْ أرسالهُ عنْ شهودها … وما منهمُ إلا رسولٌ محكم
وكيف يُرى حقٌّ بغيرِ حقيقة … لها في وجودِ الحقِّ حكمٌ مترجمُ
حقيقة ُ عينِ الحقِّ رؤية ُ ذاتهِ … بها جوده يسدي إليَّ وينعمُ
وما كونُ حقي غيرَ كونِ حقيقتي … ولكنِّها الألفاظُ بالفرقِ توهمُ