ألا إنني أرجو عوارفَ فضلٍ منْ – محيي الدين بن عربي
ألا إنني أرجو عوارفَ فضلٍ منْ … يكون له التحميد في اليُسر والعُسرِ
فإن كان عسر أطلقَ العبد حمده … على كلِّ حالٍ منهُ في نفعٍ أو ضرِّ
وإن كان يسر قيد العبد حمدُه … كما جاءَ في الأنعامِ والفضلِ في اليسرِ
بذا جاءتِ الأخبارُ في حمدِ سيدٍ … رسولٍ إمامٍ مصطفى صادقٍ بَرّ
معلمِ أسبابِ السعادة ِ كلها … لكلِّ لبيبٍ عاقلٍ ماجدٍ حرّ
أنا أسوة فيه كما قال ربنا … تلوناه في الأحزاب في محكم الذكر
وفي غيرها فاعلمْ بأنكَ مقتدٍ … به متأسٍّ مؤمنٍ بالذي يجري
نصحتكِ يا نفسي على كلِّ حالة … فقومي له فيها على قدم الشكر
فإنَّ الذي يدعى عنِ الخلقِ في غنى … ونحن على ما نحن من حالة ِ الفقر
ولي منه في الأحوال صحوٌ وسَكرة ٌ … إذا ما بدا لي في تجلٍّ وفي سترِ
فأصبحوا إذا عمَّ التجلي وجودَهُ … وإن خصه بالذاتِ إني لفي سكر
يخاطبني من كل ذاتِ عناية … بما شاءه في كلِّ نظم وفي نثر
فنثري الذي يدريه ما هو من نثري … وشعري الذي أبديهِ ما هوَ من شعري
هويته من كل شيء وجوده … وصحت به الآثار فانهض على أثري
ترى الحق حقاً فاتبعه ولا تقل … إذا ما رأيتَ الحقَّ إني في خسرِ
فما الناسُ إلا بينَ هادٍ ومهتدٍ … فمنهم إلى شامٍ ومنهم إلى مصرِ
وهذي إشاراتٌ لمنْ كانَ عالماً … بما قلته في السرِّ كانَ أوْ الجهرِ
إلهي لا تعدل بقلبي عن الذي … شرَعتَ من الإيمان بالنهي والأمر
فما عندكمْ إلا وجودٌ محققٌ … وما عندنا إلا التبرِّي من الكفر
لقد قررَ الإيمانُ عندي حقائقاً … تنافي براهينَ النهيِ من ذوي الفكرِ
فحزت به كشفاً فعادت معارفاً … مطالعها في القلبِ كالأنجمِ الزهرِ
فلا ريب عندي في الذي قد طعمته … من العلم بالله المقرَّر في صدري
حييت به علماً وعقداً وحالة … هنا في حياتي ثم موتي وفي النشر
لقيتُ بهٍ رباً كريماً بحضرة ٍ … منزهة علياء ماطرة النثر