أقولُ وروحُ القدسِ ينفثُ في النفسِ – محيي الدين بن عربي

أقولُ وروحُ القدسِ ينفثُ في النفسِ … بأنَّ وجودَ الحق في العدد الخمسِ

أيا كعبة َ الأشهادِ يا حرمَ الأنسِ … ويا زمزمَ الآمالِ زمَّ على النفسِ

سرى البيتُ نحو البيتِ يبغي وصاله … وطهَّرَ بالتحقيقِ من دنس اللبسِ

فيا حسرتي يوماً ببطن محسر … وقد دلّني الوادي على سَقَر الرِّجْسِ

تجرَّعتُ بالجرعاءِ كأسَ ندامة ِ … على مشهدٍ قد كان منِيَ بالأمس

وما خفتُ بالخيفِ ارتحالي وإنما … أخاف على ذي النفس من ظلمة الرَّمْسِ

لمزدلفِ الحجاجِ أعلمتُ ناقتي … لأنعمَ بالزلفى وألحقَ بالجنسِ

جمعتُ بجمعٍ بين عيني وشاهدي … بوترين لم أشهدْ بهِ رتبة َ النفسِ

خلعتُ الأماني بعدما كنتُ في منى … وطوّفتها فانظره بالطرد والعكسِ

ففي الجمرات الغرّ في رَوْنَق الضحى … حصبتُ عدوِّ الجهلِ فارتدَ في نكسِ

ركنتُ إلى الركنِ اليمانيِّ لأنّ في اسـْ … ـتلام اليماني اليمن في جنة ِ القدس

صفيتُ على حكمِ الصفا عن حقيقتي … فما أنا من عُربٍ فصاحٍ ولا فُرسِ

أقمتُ أناجي بالمقامَ مهيمناً … تعالى عن التحديد بالفصل والجنسِ

فشاهدتُهُ في بيعة ِ الحجر الذي … تسودَ من نكثِ العهودِ لذي اللمسِ

وبالحجرِ حجرتُ الوجودَ وكونَهُ … عليَّ فلا يغدو الزمانُ ولا يمسي

وفي رمضانَ قالَ لي تعرفُ الذي … تشاهده بين المهابة ِ والأنس

فلما قضيتُ الحج أعلنتُ مُنشداً … بسيري بينَ الجهرِ للذاتِ والهمسِ

سفينة إحساسي ركبت فلم تزل … تسيرها أرواحُ أفكاره الخرس

فلما عدتُ بحرَ الوجودِ وعاينتُ … بسيفِ النهى منْ جلَّ عنْ رتبة ِ الإنسِ

دعاني بهِ عبدي فلبيتُ طائعاً … تأمل فهذا القطف فوق جَنى الغَرس

فعاينتُ موجوداً بلا عينِ مبصرٍ … وسرَّح عيني فانطلقتُ من الحبس

فكنت كموسى حين قال لربّه … أريد أرى ذاتاً تعالتْ عن الحسِّ

فدكَّ الجبالَ الراسياتِ جلاله … وأصعقَ موسى فاختفى العرشُ في الكرسي

وكنتُ كخفَّاشٍ أراد تمتعاً … بشمسِ الضحى فانهدَّ من لمحة ِ الشمسِ

فلا ذاتهُ أبقى ولا أدركَ المنى … وغودر في الأمواتِ جسماً بلا نفس

ولكنني أدعي على القرب والنوى … بلا كيفٍ بالبعلِ الكريمِ وبالعرسِ