أقدمت دون معالم الإسلام – ابن دارج القسطلي

أقدمت دون معالم الإسلام … فاقدم بخير تحية وسلام

متقلدا سيف الغناء وفوقه … حلي البهاء وحلة الإعظام

فوزا بأسنى القسم من ملك حوى … من صدق سيفك أجزل الأقسام

فجزاك من كرم القدوم وفاءها … أبليته من صادق الإقدام

بمواقف لك في الوغى سمن العدى … طيش العقول وزلة الأقدام

ومناقب لولا دنوك للندى … لأرتك في جو السماء السامي

رتبا رفعت ثناءها وسناءها … بشبا الرماح وألسن الأقلام

وحمائل في طي ما حملتها … ذل الضلال وعزة الإسلام

لله منه صارم لك كلما … نجم الشقاق دنا له بصرام

نكصت سيوف الغي عنه وانحنت … فهي الأهلة وهو بدر تمام

تمت له وبه الرغائب وانجلى … منهن ليل الظلم والإظلام

سار إلى الأعداء في سنن الدجى … حتى يقيل على مقيل الهام

فيه حللت بلاد حلك وانثنى … حرما على الغاوين كل حرام

وحكمت بالحق المبين لأهله … عدلا من الأقدار والأحكام

أرضا أنرت الحق في أعلامها … بخوافق الرايات والأعلام

ومطرت عاليها صواعق بارق … أغدقتها بسوابغ الإنعام

سقيا لها بحيا الحياة وكاشفا … عنها غرام الغرم والإرغام

غادرتها للغدر دار إزالة … وأقمتها للأمن دار مقام

ونظمت در عقودها وعهودها … في سلك هذا الملك أي نظام

وأقمت حد الله فيمن ضامها … ضربا بحد الصارم الصمصام

باغ أصاب ببغيه وبنكثه … نفسا عليها يتقي ويحامي

ولئن ختمت عليه سجنك قاهرا … فغدا وأمسى منك رهن حمام

في بطن أم برة لقحت به … يوم الوغى من ذابل وحسام

فلقد تمخض عنه منك بروعة … توفي فتسقطه لغير تمام

ولقد ندبت لحربه في بطنها … قرع الظنون ومرجف الأوهام

ولو استجزت له المنام لرده … كي لا يرى عينيك في الأحلام

ولقد ملأت عليه أجواز الملا … بروابض الآساد في الآجام

متربصين جنى ثمار قد أنى … منها إليك تفتح الأكمام

فابشر بها من نعمة مشكورة … في دولة موصولة بدوام

وافخر فأنت لكل مجد مفخر … واسلم فأنت ذخيرة الإسلام

سعيا به أعدمت مثلك في الورى … فحويت مفخر ذلك الإعدام

ولئن رعيت الدين والدنيا فما … أنستك رعي وسائلي وذمامي

يوم اطلعت مشاربي فرأيت في … عقر الحياض الوفر خزي مقامي

وأنست من نظري تذلل موقفي … ووجست في الأحشاء حر أوامي

ورأيت في أنياب عادية العدى … لحمي وظفر الظلم مني دامي

وعلمت إن أبطأت عني أنني … مما ألاقي لا أشد حزامي

فسبقت خشية أن تحين منيتي … وبدرت خيفة أن يحم حمامي

ونكرت من جور الحوادث أنني … ظام وبحر الجود فوقي طام

وحرجت مني أن أهيم بغلتي … سقما وفي سقياك برء سقامي

وبصرت من خلل التجمل خلتي … وفهمت من صمت الحياء كلامي

ففتقت أنهار الجدا لحدائقي … ونصبت أغراض المنى لسهامي

وفتحت نحو الماء ضيق مواردي … وفسحت في المرعى لرعي سوامي

وأنفت للآداب أن يسطو بها … جهل الزمان وعثرة الأيام

رحما من العلم اقتضى لي رحمة … من واصل الآمال والأرحام

فلأهتفن بحمدها وثنائها … وجزائها في معرق وشآمي

ولأرجون بتمامها من منعم … لا يرتضي النعمى بغير تمام