أفي مثلها تنبو أياديك عن مثلي – ابن دارج القسطلي
أفي مثلها تنبو أياديك عن مثلي … وهذي الأماني فيك جامعة الشمل
وقد أوفت الدنيا بعهدك واقتضت … وفاءك ألا زلت تعلي وتستعلي
وقد أمن المقدار ما كنت أتقي … وأرخصت الأيام ما كنت أستغلي
وأذعن صرف الدهر سمعا وطاعة … لما فهت من قول وأمضيت من فعل
وناديت بالإنعام في الأرض فالتقت … بيمناك أشتات الطرائق والسبل
وحلت بك الآمال في عدد الدبى … فوافت أياد منك في عدد الرمل
وهذا مقامي منذ تسع وأربع … رجائي في قيد وحظي في غل
كأني لم أحلل ذراك ولم أقم … مناخ العطايا فيك مرتهن الرحل
وأغض عن البرق الذي شيم للحيا … وأعقد بحبل منك بين الورى حبلي
ولم أدخر من راحتيك وسائلا … رضيت بها كفئا عن المال والأهل
ولم تصفني خلقا أرق من الهوى … ولم تولني نعمى ألذ من الوصل
ولم تثن عني في مواطن جمة … سيوفا حدادا قد سللن على قتلي
ولم أطو سن الإكتهال محاكما … إليك خطوبا شيبت مفرق الطفل
وكنت ومفتاح الرغائب ضائع … ملاذي فهذا بابها ضائع القفل
وكم مرتقى وعر جذبت بساعدي … إليه فقد أفسحت بالأفيح السهل
وأنهار راح في رياض أنيقة … موطأة الأكناف للنهل والعل
حرام على وردي حمى دون مرتعي … وقد برحت في الناس بالطيب الحل
وقد شفني رشف الثمار أواجنا … وأنضى ركابي مجذب المرتع المحل
وإن عجيبا أن عزك موئلي … وأكظم أنفاسي على غصص الذل
وأني من ظلمي بعدلك عائذ … وكم مطلب أسلمته في يدي عدل
وأني في أفياء ظلك أشتكي … شكية موسى إذ تولى إلى الظل
ففي حكمك الماضي وسلطانك العدل … تمر لي الدنيا وطعمي لها محل
وتقلب لي ظهر المجن تجنيا … فموتي بما يحيى وموتي بما يسلي
ألم ترني يوم الرهان مبرزا … أمام الألى جاءوا إلى الحظ من قبلي
فكم بات هذا الملك مني معرسا … بفتانة بكر وبت على الثكل
وأثقلت أوقار الركاب جواهرا … على ثمن يعدو به محول النمل
وها أنذا ما إن أموت من الأسى … بوقر على وقر وثقل على ثقل
ولي الندى أصبحت في دولة الندى … كأني عدو البخل في دولة البخلأ
يقتل أخفى اليأس أحيى مطالبي … ليالي جل الوعد عن ريبة المطل
وأبدي للسع الدبر وجهي منازعا … وقد فاز غيري سالما بجنى النحل
ومولى يخر البأس والحمد ساجدا … إلى سيفه الماضي ونائله الجزل
سريع إلى داعي الندى وشفيعه … وبحر عطاياه أصم عن العذل
تذكرني في ساعة العلم والنهى … وأنسيني في ساعة الجود والبذل
وبوأني في قصره أعل منزل … وحظي ملقى يستغيث من السفل
فأكسوله الأيام من حر ما أشي … وأملأ سمع الدهر من سحر ما أملي
أواصل آناء الأصائل بالضحى … وزادي من جهدي وراحلتي رجلي
إذا أحفت الفرسان غر جياده … خصفت بوجهي ما تمزق من نعلي
وإن أقبلوا والمسك يندى عليهم … أتيت وقد ضمخت مسكا من الوحل
وإن شغلوا لهوا بأنعم كفه … فخدمته لهوي وطاعته شغلي
أقر عيون الشامتين وليتني … أبرد ما تطوي الضلوع من الغل
أمر بهم ألقى الثرى وكأنما … فؤادي من أحداقهم غرض النبل
إذا الأسد الضرغام أنفذ مقتلي … فما فزعي إلا إلى الأرقم الصل
وإن ذاب حر الوجه من حر نارهم … فما مستغاثي منه إلا إلى المهل
ومن شيمة الماء القراح وإن صفا … إذا اضطرمت من تحته النار أن يغلي
ولا وزر إلا وزير له يد … تمل على أيدي الربيع فيستملي
أبا الأصبغ المعني هل أنت مصرخي … وهل أنت لي مغن وهل أنت لي معل
وهل ملك الإنعام والجود عائد … بإحسان ما يولي على حسن ما أبلي
وهل لرياض الملك في نفحة الصبا … وهل لسماء المجد في كوكب النبل
وحتى متى أعطي الزمان مقادتي … وقد قبضت كفي على قائم النصل
وناديت من عليا الوزارة ناصرا … يرى خاطفات الشهب تمشي على رسل
فلا يغبط الأعداء ما طل من دمي … ولا يهنئ الأيام ما فات من ذحلي
عسى مجد عيسى أن ينوء ببارق … يسح حيا الإفضال في روضة الفضل
فيابن سعيد هل لسعدك كرة … على الهمة العلياء في الأفق الغفلب
طوت زفرات البث حتى لقد أنى … لذات مخاض أن تطرق بالحمل
مطالب أبقى الدهر منها مظالما … تناديك بالشكوى وتدعوك للفضل
وكل عليها شاهد غير شاهد … وليس لها حاشاك من حكيم عدل
أيحتقب الركبان شرقا ومغربا … غرائب أنفاسي وألقاك في الرجل
وينتقل الشرب الندامى بدائعي … وهيهات لي من لذة الشرب والنقل
وضيف بحيث الطير تدعى إلى القرى … يضيق به رحب المباءة والنزل
طو ووجوه الأرض خصب ومطعم … وعيمان والجلمود يفهق بالرسل
وحران أوفى ظمء تسع وأربع … بحيث تلاقى دافق البحر والوبل
وسيف يقد البيض والزغف مقدما … يروح بلا غمد ويغدو بلا صقل
وذو غرة معروفة السبق في المدى … وقد قرح التحجيل من حلق الشكل
ودوحة علم في السماء غصونها … ترف بلا سقيا سوى بغش الطل