أعِرنيَ عينيكَ يا عاذلي – مصطفى صادق الرافعي
أعِرنيَ عينيكَ يا عاذلي … لعلي أرى الحقَّ كالباطلِ
فعيني قد انصبغتْ بالفؤاد … كمثلِ الزجاجةِ والسائلِ
كلانا يراها وهيهاتَ ما … تَوَجَّعَ بالثكلِ كالثاكلِ
ولو كانَ للصيدِ عينُ الذي … يصيدُ لما اغترَّ بالحابلِ
هويت وأطعمتَ جسمي النحول … فَويْلاهُ من شَرَهِ الآكلِ
كأني ثيابي عليَّ الربيع … كسا جانبَي بلدٍ ماحلِ
كأنَّ عيوني بموجِ الدموع … خِضَمٌّ لهُ الجفنُ كالساحلِ
كأني ودمعي في مقلتي … أرى كفني في يدِ الغاسلِ
ليَ اللهُ هل أنا إلا فتىً … أجدُّ ودهريَ كالهازلِ
ومن سادَ في قومهِ الجاهلون … أضرَّتْ بهِ شيمةُ العاقلِ
كأنَّ الزمانَ بقايا دُجىً … أنا فيهِ كالقمرِ الآفلِ
نزلتُ على حكمهِ طاعةً … لوحي على مهجتي نازلِ
ومن كانَ قاضيهِ من يحب … رأى جائرَ الحكمِ كالعادلِ
يعيبونَ فيها نحولي فَلمْ … يُرى النجمُ في الأُفْقِ كالناحلِ
وكيفَ يُعابُ الحسامُ الصقيل … أرقَّتْ شَباهُ يدُ الصاقلِ
مُهَفْهَفَةٌ فكانَ الهوى … يحاربنا بالقنا الذابلِ
وأعجبُ من أملي وصلها … وبعضُ المنى قاتلُ الأملِ
لها مهجتانِ تحبُّ وتسلو … وما تحتَ ضدينِ من طائلِ