أعينوني على طلب المعالي – مهيار الديلمي

أعينوني على طلب المعالي … فقد ضاقت بها سعة ُ احتيالي

ودُلّوني على رزقٍ بعيدٍ … وإن هو قلَّ عن بذل السؤالِ

فلو قننُ الجبال زحمنَ جنبي … وقعنَ أخفَّ من مننِ الرجالِ

وإلا فاسلبوني حظَّ فضلي … إلى ما فاتني من حظّ حالي

ونجّوني وحيداً لا عليّ ال … محاسنُ والشقاءُ بها ولا لي

ألا رجلٌ يخاف العيبَ منكم … ويأنف للحقوق من المحالِ

فيعدلَ في القضيّة لا يجابي … ويحكمَ بالسويَّة لا يبالي

تواصى الناسُ إكرامَ الأسامي … وهان لديهمُ كرمُ الفعالِ

يُعدُّ أخوك أشرفَ منك بيتاً … بأنك عاطل وأخوك حالي

ولا والمجدِ ما شرقي بريقي … وشربي الملحَ في العذب الزلالِ

أدال اللهُ من سمنِ ابن عمٍّ … رعى حسبي وأهملني هزالي

وما هو غير أنّ يدي قصيرٌ … مداها عن مدى هممي الطوالِ

وإن وسعَ القريبَ أصولُ مجدي … ولم يسع الغريبَ فضولُ مالي

عسى الأيّامُ يوجعها عتابي … ويُخجلها انتظاري واحتمالي

وخلٍّ كان إن أخفقت مالي … وإن أنا خفت نازلة ً مآلي

يحوطُ جوانبي ويذبُّ عني ال … أذى ذبَّ الجفونِ عن النصالِ

وإن أهديتُ بكرا من ثناء … إليه تميسُ في حللِ الجمالِ

تناهى في كرامتها قبولا … وغالى في المهورِ بها الثقالِ

وباتت حين تغبطها عليه … إذا ما غرنَ ربّاتُ الحجالِ

معشّقة ً مكانَ ترى الغواني … إذا عرَّسن يودعنَ الغوالي

فغيّره الزمان وأيّ حالٍ … من الأحداثِ سالمة ٌ بحالِ

ونكَّس رايتي منه نصيري … وميَّل صعدتي ربُّ اعتدالِ

كنور الشمس منه البدر ينمي … ومنه النقصُ يسري في الهلال

ولكن جفوة ٌ لم تنسِ عهدا … ولم تجُز الدلالَ إلى الملالِ

فدى الوضَّاح في الخطب ابنُ ليلٍ … إذا استضويت في أمرٍ دجالي

ومنحطّون عنه أباً ونفساً … وبيتُ النجم مثلُ النجم عالي

ألستَ ابن الألى انتظموا ملوكاً … نظامَ العقد من بادٍ وتالي

إذا الأب غاب نابَ ابنٌ كريمٌ … يريك شهادة َ النسب الحلالِ

كأنّ المجدَ لم يحزن لماضٍ … مع الباقي ولم يفجع بحالِ

لهم سننٌ من المعروف تكسو ال … لحومَ بها عظامهم البوالي

وآثارٌ من الأيام بيضٌ … كآثار البدور على الليالي

وجرَّبَ منك فخرُ الملك عضبا … مخوفَ الحدِّ مأمونَ الكلالِ

رآك أعفَّهم بالغيبِ سرّاً … وأفرسهم على ظهرِ الجدالِ

وقاس بك الرجالَ فبنتَ فوتا … وإن شوبهتَ في خلقِ الرجالِ

فجلَّلَ منكبيك لباسَ فخرٍ … يدلُّ على التناسب في الجلالِ

لجائلة ِ اللحاظ به زليقٌ … على سعة المطارح والمجالِ

تمازجَ كلُّ لونٍ من هواها … بلونٍ واقع منه ببالِ

كأنك قد نفضتَ عليه صبغا … محاسنَ ما حويتَ من الكمالِ

وعمَّمك السحابة َ فوق رضوى … كذاك السحبُ عمّات الجبالِ

وأمطاك الغزالة َ ظهرَ طرفٍ … أتى خلقا وسبقا كالغزالِ

كلا طرفيه من كرمٍ وعتقٍ … تأنَّق رابطٌ فيه وفالي

تراه مطلقاً عريان يزهى … على الغرِّ المحجَّلة الحوالي

وكيف وردفه ومقلَّداه … مواقرُ من حلى التبر الثِّقالِ

تهنَّ بها منائحَ غادياتٍ … أواخرها تطول على الأوالي

إذا نثرت لك الدنيا سعودًا … حظيت بها فنظَّمتُ اللآلي

ولكن وفِّني منها نصيباً … بجاهك لا أسومك فضلَ مالِ

وجاز مفيدك الحسنى بذكرى … ومهِّد عنده بالوصف حالي

فإنّ هدية مثلي لتكفي … مكافأة ً لأنعمه الجزالِ

وكاثرني مجالسه تجدني ال … تَّمام لما حوته من جمالِ

وكيف ضمنت عن قلمي وقلبي … سدادا لم تخفْ درك اختلالِ

وقد جرّبتني وخبرت قدما … فهل شيءٌ يريبك من خصالي

وغيرك قد تكفّل أمرَ غيري … فنال بسعيه بعض المنالِ

وقُدِّم آخرون فهم بطاءٌ … فما لك لا تغار على العجالِ

وقد أنشدتَ ما سمعوا وقالوا … فيا للشعر من قيلٍ وقالِ

جواهرُ لا يعالجهنَّ غوصى … وماءٌ لا تخابطه سجالي

إذا طرقَ الحبيبُ بلا رقيبٍ … فما وجهُ التعلل بالخيالِ

يسومُ سواك تجهيزي وسوقي … فقلت وما العروسُ بغير جالي

وعدتُ إليك عن ثقة ٍ وعلمٍ … بأنّ السيف أدربُ بالقتالِ