أعيا شفاء الهم إن لم تشفه – ابن دارج القسطلي

أعيا شفاء الهم إن لم تشفه … وعتا ملم الخطب إن لم تكفه

وبك استبان الصبح طارق ليله … والتذ طعم الأمن خائف حتفه

ولرب خطب لم تضق ذرعا به … ويضيق ذرع الواصفين بوصفه

لم تلقك الضراء نابي حده … كلا ولا السراء ثاني عطفه

نعم المقدر للأمور برفقه … ركب الزمان وما اشتكى من عنفه

رحبت حدائقه لمرتع مخصب … وصفت مشاربه لمورد مرفه

مستكمل الإنعام قبل أوانه … مثل الهلال تمامه في نصفه

مغرى اليدين بضعف ما رجت المنى … بدءا وأجدر أن يعود بضعفه

ومسربل من حلمه وذكائه … حللا مطرزة ببارع ظرفه

شيم سقاني صفوها فسقيته … ما شاء من صفو الوداد وصرفه

فتركت صدر المجد لابس عقده … مني وجيد الجود مسبل شنفه

والأرض آذنة لصوت ثنائها … من هاتف تصغي البلاد لهتفه

فليأتينك شكر من لم توله … عني وصفو ثناء من لو تصفه

من كل موصول الغرام بقلبه … أسفا لبعدي والسهاد بطرفه

ومغرب تبكي السماء لشجوه … مني وتلتهف النجوم للهفه

لولا قضاء فراقه وطلبته … في غير جفني ماثلا لم تلفه

أبني لاح الفجر إذ بلغ الدجى … أمدا فسل الهم إن لم تشفه

وتركت غول البر معدم أنسه … مني وهول البحر فاقد إلفه

هذا على خفق الشراع وقلسه … حرم وذاك على البعير وخفه

وقصرت ليلي بالسرور منفسا … من طول ليل الناجيات وعسفه

بالحاجب الأعلى المجير لهمتي … حتى أجرت من الزمان وصرفه

ملك يلاقي العلم راضي سعيه … فيرد عنه الجهل راغم أنفه

وإذا تألق بارق من سيفه … في الروع أشفقت الربى من خطفه

أو لاح في رهج شهاب سنانه … نذرت شياطين الضلال بقذفه

قاد الجياد إلى الجهاد وحفني … بندى يديه تحت ظلي سجفه

بوزيره الغادي إلي ببره … وأمينه الحاني علي بعطفه

أظلمت فاستوقدت نور جبينه … وظمئت فاستسقيت وابل كفه

وبه جزيت النائبات بصاعها … صاعا وسمت الدهر خطة خسفه

فإذا أحل ففي مضاعف بره … أو أستقل ففي مضاعف زغفه

وليعلم الأقران حين تدب لي … تحت الوغى أني لحقت بصفه

ولئن نهدت إليهم فبسيفه … ولئن كررت عليهم فبطرفه

كرما بفطرة همة وسيادة … أغليت في تبر الثناء بصرفه

وندى هديت المنعمين سبيله … سبقا وأقرأت الكرام بحرفه

فاسمع فقد أهديتها لك غادة … تلهيك عن لثم الحبيب ورشفه

جاءتك تزجر طير واجب مهرها … في نسبة لك كرمت عن خلفه

أنست ببرء الهم في اسمك بعدما … كسفت سنا بدري دياجي كفه

بكرا تحلت جوهر الشكر الذي … أنت الوفي بحقه فاستوفه

فلينجمن على النجوم بحسنه … وليعرفن الجو نفحة عرفه

وليزهين على الغمام نفاسة … من صاد مثلي في حبائل عرفه