أعلمتِ طارقة الخطوب السودِ – حيدر بن سليمان الحلي

أعلمتِ طارقة الخطوب السودِ … بحمى الوصر صرعتِ أيَّ عميدِ

ونزعتِ يا نزعتْ يداك بنانَها … من قبّة الإسلام أيَّ عمود

ونعم فهبكِ قرعِته بمرَّنة ٍ … صمّاء تأخذ من قوى الجلمود

أفطرتِ إلا قلبَ حامية الهدى … وصدعتِ إلا بيضة التوحيد؟

وبللتِ إلا في مدامع عينه … ذاك الصعيدَ على أجل فقيد؟

الآن مات العلمُ واندرس التقى … وعفا السماحُ وطاح كفُّ الجود

فُجعت بنو الدنيا بزاد مقلِّها … وبريِّ حائمة الرجا المطرود

وسرى فطبَّقها عليه مآتماً … ناعٍ تضيق به رحابُ البيد

صلّى الإله عليك من مفقود … جلَّ المصاب به عن التحديد

شغلت رزيتُك الملائك فاغتدت … لك في هبوطٍ عن جوى وصعود

وكفاك قدراً أنَّ نعيَك في السما … خلطته بالتقديس والتحميد

وبرفعها ذاك السريرَ تقرّبت … زلفى إلى خّلاقها المعبود

رفعت به الأخوين شخصَك والتقى … وتلته بالتسبيح والتمجيد

وبكاك دينُ الله بالعين التي … بكت الأئمة َ علَّة الموجود

عدلت رزَّيتهم رزيتَك التي … قصمت قوى الإيمان والتوحيد

ماذا يوارى خطُّ قبركَ من حجى ً … يزنُ الجبالَ ومن ندى ً مورود

إن تمس مهجورَ الفناء فطالما … وقف الرجاءُ ببابكَ المقصود

أو إن تكن جمدت بنانُك بالردى … فعليك عينُ الجود غير جمود

أو قلَّ من أيام عمرك عدّها … فكثيرُ بِرّك ليس بالمعدود

تبكيك عينٌ كم مسحت دموعَها … ببرود فضلٍ لا بفضل برود

لم تبقَ بعدك للمطالب نجعة ٌ … طُويَ الرجاءُ على حشا مكمودِ

هدم الردى بك ركنَ ملة «أحمدٍ» … ولطالما بك كان للتشييد

غسلت سوادَ عيونها بدموعها … فصبغن أردية الكرام الصيد

صبغت بها تلك الثيابَ فسوَّدت … وجهَ الزمان بذلك التسويد

ورأت بقية فخرها قد أدرجت … في برد شخصٍ بالفخار وحيد

كم رَدَّ غربَ الخصم وهو مركَّبٌ … منها بثغرة نحرها والجيد

ووقى بمهجته الكريمة قلبَها … من أسهم الأعداء كلَّ مبيد

فكأنها في صبرها دون الهدى … مع فرط رقَّتها مجنُّ حديد

بأبي الذي عقدوا عليه رداءَه … والخيرُ تحت ردائه المعقود

لبس الحياة َ فصان طاهرَ بردها … بصلاحه وعفافه المشهود

حتى استجدَّ سواه ثوباً للبلى … ومضى على كرمٍ نقى َّ العود

يا ثاوياً خلف الصعيد كفى جوى ً … أني دعوتكَ من وراء صعيد

لثراك استسقي ثلاثَ سحائبٍ … متكافئاتٍ كلها في الجود

فسحابة وطفاء منك تعلَّمت … للأرض سقيَ تهائم ونجود

وسحابة من جود كفَّكَ أنبتت … شكرَ العفاة بدرَّها المحمود

وسحابة من عبرتي ما أن ونت … إلا وقالَ لها افتقادكَ جودي

هي بالزفير إليك ذاتُ بوارقٍ … ومن الحنين عليك ذاتُ رعود

فاذهب حميداً في الجنان مخلداً … فالعيشُ بعدك ليس لي بحميد

ولقد دعوت الدينَ بعدك دعوة ً … يستكُّ منها سمعُ كلِّ حقود

لا تخشَ ضعفاً في الزمان وإن غدا … يرسو بداهية ٍ عليك كؤود

فبه لك “لمهديُّ” أمنعُ قوَّة ٍ … تأوى لركنٍ من علاه شديد

نسجت حميتهُ عليك صنيعتهً … لم تقضِ نثرتها يداً داود

فإذا دجا ليسلُ الخطوب فلقته … من ضوء صبح جبينه بعمود

علمُ الهدى السامي الذي هو في كلا … حسبيه سادَ على الكرام الصيد

ومفيد فضلٍ لو أتى العصر الذي … فيه المفيدُ لقال أنتَ مفيدي

هو آية ُ الله التي قد أبطلتْ … في العالمين عنادَ كلِّ جحود

وأبو المصابيح التي شهبُ السما … رمقت مطالعَها بطرف حسود

لو فاخرت نهرَ المجرَّة في السما … غلبت بجعفر جودها المورود

ذاك الذي في الجود أرسل صالحاً … لكن لأهل الفضل لا لثمود

و«محمدٌ» منه الحسينُ فعاذرٌ … إن قلتُ أرسل خاتماً في الجود

أقمار تمٍ في بروج سما العُلى … شرفاً يضيءُ على الليالي السود

وأسودُ غيلٍ في المهابة لو حموا … مأوى الظِباء لكن غيل أسود

وترى المكارمَ من مناقب فضلهم … تختالُ بين قلائدٍ وعقود

من كلّ محتلب البنان رقيقها … في كلّ جامدة الضروع صلود

ويقول للكفِّ الكريمة كلما: … بدأت بعارفة ٍ بدار أعيدي

يا عترة َ الوحي الذين توطَّدت … بهم دعائم ملَّة َ التوحيد

دمتم لنا والعزُّ فوق رواقكم … والفخر تحت رواقه الممدود

وبحسبكم علمُ الشريعة جعفرُ» الـ … إحسان عن عَلم الهدى المفقودِ

والعزُّ من آل المكارم من سَموا … شرفاً بفضلِ طارفٍ وتليد

قد رُدَّ عقدُ الفخر في جيد العُلى … «بأبي محمد» وهو عقدُ الجيد

وأعاد يا دار الهدى لك “جدّه” … فكأنه لم يُطوَ في ملحود

أحيا مآثره الحسانَ وزادها … لو كان فيها موضعٌ لمزيد

لو لم تبت أمُّ السماح طروقة … لندى يديه لم تكن بولود

يا من وجوهُهم مصابحُ للهدى … وأكفُّهم في الجود سحبُ الجود

ماذا أقول معزّياً بنشائدى ؟ … قطعت مهابتُكم لسان نشيدي