أظبية الوحش لولا ظبية الأنس – المتنبي

أظَبْيَةَ الوَحشِ لوْلا ظَبيَةُ الأنَسِ … لمّا غَدَوْتُ بجَدٍّ في الهوَى تَعِسِ

وَلا سَقَيْتُ الثّرَى وَالمُزْنُ مُخلِفَةٌ … دَمْعاً يُنَشّفُهُ من لَوْعةٍ نَفَسِي

وَلا وَقَفْتُ بجسْمٍ مُسْيَ ثالِثَةٍ … ذي أرْسُمٍ دُرُسٍ في الأرْسُمِ الدُّرُسِ

صَريعَ مُقْلَتِها سأآلَ دِمْنَتِهَا … قَتيلَ تَكسيرِ ذاكَ الجفنِ وَاللَّعَسِ

خَريدةٌ لوْ رَأتها الشّمسُ ما طَلَعَتْ … وَلوْ رآها قَضيبُ البَانِ لم يَمِسِ

ما ضَاقَ قَبلكِ خَلخالٌ على رَشَإٍ … وَلا سَمِعْتُ بديباجٍ على كُنُسِ

إن تَرْمني نَكَباتُ الدّهرِ عن كَثَبٍ … تَرْمِ امرَأً غيرَ رِعْديدٍ وَلا نَكِسِ

يَفْدي بَنيكَ عُبَيْدَ الله حَاسِدُهم … بجَبهَةِ العَيرِ يُفدى حافرُ الفَرَسِ

أبَا الغَطَارِفَةِ الحَامِينَ جَارَهُمُ … وَتارِكي اللّيثِ كَلباً غيرَ مُفترِسِ

مِن كُلّ أبْيَضَ وَضّاحٍ عِمامَتُهُ … كأنّمَا اشْتَمَلَتْ نُوراً عَلى قَبَسِ

دانٍ بَعيدٍ مُحِبٍّ مُبغِضٍ بَهِجٍ … أغَرَّ حُلْوٍ مُمِرٍّ لَيّنٍ شَرِسِ

نَدٍ أبيٍّ غَرٍ وَافٍ أخي ثِقَةٍ … جَعْدٍ سرِيٍّ نَهٍ ندبٍ رَضٍ ندُسِ

لوْ كانَ فَيضُ يَدَيْهِ ماءَ غادِيَةٍ … عزّ القَطا في الفَيافي موْضعُ اليبَسِ

أكارِمٌ حَسَدَ الأرْضَ السّمَاءُ بهِمْ … وَقَصّرَتْ كلُّ مصرٍ عن طَرَابُلُسِ

أيّ المُلوكِ وَهُمْ قَصْدي أُحاذِرُهُ … وَأيّ قِرْنٍ وَهُم سَيْفي وهم تُرُسي