أزرار – نزار قباني

وتلكَ بضْعَةُ أَزْرَارٍ .. لقد كَبُرتْ

على جداري .. فبيتي كلُّهُ عَبَقُ

تَعَانقتْ عند شُبَّاكي .. فيا فَرَحي

غداً .. تُسَدُّ الرُبى بالورد .. والطُرُقُ

ما هذه العُلَبُ الحمراءُ .. قد فُتِحَتْ

مع الصباحِ ، فسالَ الوَهْجُ والأَلَقُ

لي غُرْفةٌ .. في دروب الغيم عائِمَةٌ

على شريطِ نَدَىً ، تطفو وتنزلقُ

مَبْنِيَّةٌ من غُيَيْماتٍ مُنَتَّفةٍ

لي صاحبانِ بها .. العصفورُ .. والشَفَقُ

أمام بابيَ .. نَجْماتٌ مُكَوَّمةٌ

فتستريحُ لدينا .. ثم تنطلقُ ..

فللصَباح مُرُورٌ تحتَ نافذتي

وفي جوار سريري ، يرتمي الأفُقُ

كم نَجْمةٍ حُرَّةٍ .. أَمسَكْتُها بيدي

وللتطلُّعِ غيري ، ما له عُنُقُ

يُقصِّرُ الشِّعْرُ مِن عُمْري ويُتلفني

إذا سعيتُ ، سعى بي العظْمُ والخِرَقُ

النارُ في جبهتي .. النارُ في رئتي

وريشتي بسُعال اللون تختنقُ ..

نهرٌ من النار في صِدْغي يعذِّبني

إلى متي ، وطعامي الحبرُ والوَرَقُ ؟

وما عتبتُ على النيران تأكُلُني

إذا احتَرَقْتُ ، فإن الشُهْبَ تحترقُ

إني أَضأتُ .. وكم خَلْقٍ أتوا ومَضَوا

كأنُهمْ في حساب الأرض ما خُلِقُوا ..

غداً ستحشدُ الدُنيا لتقرأَني

ونَخْبَ شعري ، يدورُ الوردُ .. والعَرَقُ

اليومَ بِضْعَةُ أَزْرَارٍ .. ستعقُبُها أُخرى

وفي كلِّ عامٍ ، يطلعُ الورقُ ..