أرى ذلك القرب صار ازورارا – المتنبي

أرى ذلكَ القُرْبَ صارَ ازْوِرارَا … وَصارَ طَوِيلُ السّلامِ اختِصارَا

تَرَكْتَنيَ اليَوْمَ في خَجْلَةٍ … أمُوتُ مِراراً وَأحْيَا مِرارَا

أُسَارِقُكَ اللّحْظَ مُسْتَحْيِياً … وَأزْجُرُ في الخَيلِ مُهري سِرارَا

وَأعْلَمُ أنّي إذا ما اعتَذَرْتُ … إلَيْكَ أرَادَ اعْتِذاري اعتِذارَا

كَفَرْتُ مَكارِمَكَ البَاهِرا … تِ إنْ كانَ ذلكَ مني اخْتِيارَا

وَلَكِنْ حَمَى الشّعْرَ إلاّ القَليـ … ـلَ هَمٌّ حَمَى النّوْمَ إلاّ غِرارَا

وَما أنَا أسقَمْتُ جسمي بِهِ … وَلا أنَا أضرَمتُ في القلبِ نَارَا

فَلا تُلزِمَنّي ذُنُوبَ الزّمَانِ، … إلَيّ أسَاءَ وَإيّايَ ضَارَا

وَعِنْدي لَكَ الشُّرُدُ السّائِرا … تُ لا يختَصِصْنَ منَ الأرْضِ دارَا

قَوَافٍ إذا سِرْنَ عَنْ مِقْوَلي … وَثَبْنَ الجِبالَ وَخُضْنَ البِحارَا

وَلي فيكَ مَا لم يَقُلْ قَائِلٌ … وَمَا لم يَسِرْ قَمَرٌ حَيثُ سَارَا

فَلَوْ خُلِقَ النّاسُ منْ دَهرِهِمْ … لَكانُوا الظّلامَ وَكنتَ النّهارَا

أشَدُّهُمُ في النّدَى هِزّةً … وَأبْعَدُهُمْ في عَدُوٍّ مُغَارَا

سَمَا بكَ هَمّيَ فوْقَ الهُمومِ … فَلَسْتُ أعُدُّ يَسَاراً يَسَارَا

وَمَنْ كنتَ بَحْراً لَهُ يا عَليُّ … لَمْ يَقْبَلِ الدُّرَّ إلاّ كِبَارَا